كان من شخصين ، وعليه فلو لم يكن في الأرض إلّاشخصان فاحدهما النبي أو الإمام المعصوم.
على أيّة حال فكما قرأنا في الروايات الآنفة أنّ الله أجلُ من أنْ يكلف الناس بلوغ مقام السعادة من دون أنْ يرشدهم إلى الطريق الصحيح الذي يخلو من الخطأ.
يلاحظ في بعض آيات القرآن إشارات إلى هذا المعنى أيضاً.
فالآية الكريمة : (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ). (الرعد / ٧)
تدل على أنّ لكل قوم في كل عصر وزمان هادياً ، (هادٍ بالمعنى الحقيقي للكلمة حيث يجسد الهداية الكاملة والخالية من كل خطأ) ، ومن هنا نقرأ في الحديث الوارد عن الإمام الباقر عليهالسلام ، إذ قال في تفسير هذه الآية : «... وفي كلِّ زمانٍ إمامٌ منّا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآله» (١).
والتعبير الذي جاء في نهج البلاغة يضم في ثناياه دليلاً منطقياً أيضاً ، وهو : إنّ أحد واجبات الإمام هو المحافظة على آثار النبوة والتعاليم الإلهيّة من كل تحريف ، وبتعبير آخر : لو فرضنا أنّ كلَّ من على الأرض كفروا فلابدّ من وجود شخص يحافظ على تعاليم وآثار النبوة وينقلها إلى الأجيال القادمة التي تريد سلوك سبيل الهداية ، وإلّا فإنّ الحجج الإلهيّة تُمحى وتزول ، وتنتهي دلائله وبيناته «لئلا تبطل حجج الله وبيناته».
وهنا نصل إلى خاتمة البحوث المتعلقة بالولاية العامة ، والآن نتطرق إلى شروطها وخصائصها.
* * *
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ص ٥ ، ح ٩.