تحت الحكم المنصب عليها ، ففي الأول ، كان لا شكّ في حجيّة العام في الباقي ، دون الثاني ، فإنّه فيه ، كان يقع التعارض بين العام والخاص.
ومن الواضح أن هذا الفرق يمكن تفسيره بسهولة على أساس المحاولة الثالثة ، حيث انّها تقول حينئذ ، إنّ العام إذا ورد عليه ما يخرج جزءا منه ، يكون مستعملا في الباقي ويبقى حجة فيه ، لما تقدّم من الانحلالية في الظهور الاستعمالي ، بينما هذا لا يصح في دليل «أكرم الأربعة» أو صيغة المثنّى ، إذا استعملت وأريد منها الثلاثة أو الواحد ، لأنّ دليل «أكرم الأربعة» مراده الاستعمالي فيها هو ، الأربعة ، والتبعيض عنده ، إنّما هو في مرحلة الإرادة الجدّية ، دون الاستعماليّة ، كما انه ليس من المجازات المعروفة ، ولذا لم يصح أن يقال : إذا كان العام حجة في الباقي ، فلما ذا لا تكون الأربعة حجة في الباقي أيضا.
وقد بقي هذا النقض ، وهو عدم التبعيض في مرحلة المراد الاستعمالي ، بلا جواب ، عند ما سألنا عن سبب هذا المنع في تلك المرحلة ، اللهمّ إلّا ما تمحّلناه نحن له من جواب صحيح.
إذن فهذه الخصوصية تتناسب مع المحاولة الثالثة دون الأولى.
٢ ـ الخصوصيّة الثانية : هي أن يقال : إنّ تخصيص الأكثر عادة غير جائز ، وهذه ظاهرة عرفية معقولة ، وهذه الظاهرة يمكن تفسيرها على أساس المحاولة الثالثة ، حيث انّها تقول : إنّ حجيّة العام في الباقي ، معناها ، إنّه مستعمل في الباقي ، فإذا خصّص تخصيصا أكثريا. فمعناه ، انّه مستعمل في الباقي ، وهو الأقل ، وهذا الاستعمال جائز ما دام المقدار معتدا به بالنسبة إلى العام ، وغاية ما يقال في منعه ، إنّ استعمال العام في الباقي إذا كان قليلا بالنسبة إليه هو غير جائز ، لأنّه استعمال مجازي غير عرفي.
بينما محاولة صاحب الكفاية ، أي المحاولة الأولى ، تعجز عن ذلك إلّا بضم عنايات إضافية ، إذ بناء عليها ، فإنّ اللفظ ما زال مستعملا في العموم سواء خصّص أم لم يخصّص ، وسواء كان فيه الأكثر أو الأقل هو مستعمل في