٢ ـ الصيغة الثانية : هي أن يقال : بأنّ هذا التصنيف لظهور العام اعتباطي غير صحيح ، بل الصحيح هو ، أنّ العام ليس له ظهوران ، بل له ظهورات متعدّدة بعدد أفراده ، ومقتضى القاعدة ، حجيّة كل هذه الظهورات ، إلّا إذا قام علم أو علمي على كذب هذا الظهور.
وحينئذ يقال : بأنه لا يوجد علم أو علمي إلّا هذا المخصّص ، وهذا المخصّص يجب أن يقارن بظهورات الأفراد ، فبقدر ما يكذب منها. يسقط عن الحجية ، وما لا يعلم بتكذيبه يبقى على الحجية ، وهذا المخصص لا يعلم بهدمه لحجيّة ظهور العام في زيد المشكوك ، وإن احتمل ذلك ، فمجرد احتمال أن يكون المخصص مكذبا لهذا الظهور في زيد المشكوك لا يكفي ، إذن فنبقى على الجزم بظهور العام في الفرد المشكوك ، وحينئذ ، يجوز التمسك بالعام بالنسبة لهذا الفرد ، وبذلك نكون قد رجعنا إلى الصيغة الأولى ، وهي جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
٣ ـ الصيغة الثالثة : وهي أنّه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة ، وهذه الدعوى منسوبة للمحقق النائيني (قده) (١).
وموجز هذه الدعوى هو ، أنّ العام له ظهورات بعدد أفراده ، والفرد الفقير المشكوك في فسقه هو من أفراده ، وظهور العام حجة فيه ما لم يقم حجة على الخلاف.
ونحن لو سلّمنا بأنّ العام له ظهورات بعدد أفراده ، ومنها الفرد المشكوك خروجه بالمخصص ، وانّ هذه الظهورات كلها حجة ما لم يقم حجة على الخلاف.
لكن هنا نسأل : بأنّه ما هو الوجوب الذي يراد إثباته بظهور العام في الفرد المشكوك؟ هل تريدون أن تثبتوا له وجوب إكرام على الإطلاق ، أي سواء كان عادلا ، أو فاسقا؟ أم انّكم تريدون بهذا ، إثبات وجوب مشروط
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ص ٤٥٩ ـ ٤٦٠.