إكرامه حيث انه لا يكرم غير العادل ، والعدالة الواقعيّة لا يمكن إثباتها بهذا الخطاب ، لكن العدالة الظاهرية يمكن إثباتها ، بمعنى الحكم لجعل الفقر إمارة تعبديّة على العدالة ، وهذا شأن للمولى بما هو مولى ، لأنّه جعل الإماريّة حكم مولوي.
وهذا الطريق غير صحيح أيضا ، وذلك لأنّ مرجعها إلى افتراض وجوبين في المقام ، الأول ، وجوب واقعي لإكرام زيد مشروطا بأن يكون عادلا في الواقع ، والثاني : وجوب ظاهري لإكرام زيد من باب التعبد بأنه عادل ، والحكم الثاني يكون في طول الحكم الأول ، لأنّ كلّ حكم ظاهري هو في طول الحكم الواقعي الذي هو مجعول بالنسبة إليه.
ومن الواضح ، إنّ دليل العام لا يستفاد منه وجوبان على فرد واحد ، لأنّه يصبح من باب استعمال اللفظ في معنيين وهو غير جائز ، وإنّما يستفاد منه وجوب واحد على كل فرد فرد.
وإذا كان مفاد العام وجوب واحد على كل فرد ، فحينئذ ، نسألكم : إن مفاد العام أيّ الوجوبين؟
فإن كان هو الوجوب الواقعي ، إذن فقد سقط كلامكم ، لأنّ معناه أن الوجوب الثاني ـ وهو الوجوب الظاهري ـ يبقى بلا دليل عليه ، وإن كان هو الوجوب الظاهري ، فهو خلف ، لأنّ الوجوب الظاهري لا يعقل ثبوته إلّا بعد فرض ثبوت الوجوب الواقعي ، إذ ما لم يثبت انّ زيدا يجب إكرامه واقعا على تقدير العدالة ، فلا معنى للحكم بوجوب إكرامه ظاهرا عند الشك في عدالته.
وبهذا يتبرهن ، إنّه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وقد اتضح انّ الإشكال الذي أوردناه على الطريق الأول ، وهو أنّ هذا الرجوع إلى المولى ، رجوع إليه فيما ليس جديرا به بما هو مولى ، بينما هذا الإشكال لا يرد على الطريق الثاني ، لأنّه في الطريق الثاني نريد أن نثبت حكما ظاهريا ، وهذا من شئون المولى.