وكذلك الإشكال على الطريقة الثانية ، وهو مسألة الطوليّة ، فإنّه لا يرد على الطريق الأول.
وقد يتخيّل ورود الإشكال على هذا الطريق ، وذلك بأن يقال : إنه في الطريق الأول ، اتضح أنّ المدّعى فيه هو التمسك بعموم «أكرم كلّ فقير» لإثبات وجوب فعلي لزيد المشكوك فسقه ، أي إثبات المجعول لا الجعل ، لأنه لو كان المراد إثبات الجعل ، لورد حينئذ ، انّه يراد إثبات جعل وجوب مطلق أو مشروط كما عرفت سابقا.
إذن ، فالحكم الفعلي إنما تصورناه بدعوى أنّ العام ، يكون مفاده الحكم الفعلي ، أي المجعول ، وفعلية المجعول إنما هو بفعلية موضوعة خارجا ، والعام يقول : هذا فقير عادل ، إذ من الواضح انّه عندنا شيئان ، جعل ، ومجعول ، أي جعل وجوب الإكرام على موضوعه المقدّر الوجود والذي هو ببرهان التعنون عبارة عن الفقير العادل.
وعندنا فعليّة المجعول بفعليّة موضوعه خارجا ، إذن فبخطاب «أكرم كل فقير» ، إذا كان يراد إثبات الجعل ، إذن فلم يثبت المجعول ، ولا نكون قد عالجنا الشبهة الموضوعية ، وإن كان يراد بهذا الخطاب إثبات المجعول ، فهو غير معقول ، لأنّ المجعول فرع الجعل كما اتضح في الطريق الثاني ، فما لم نثبت الجعل ، لا يمكن أن نثبت المجعول. كما اتضح في الطريق الثاني ، إن المجعول في طول وصول الجعل ، لا في طول وجوده.
وعليه فلا يمكن أن يكون الدال على المجعول دالا على الجعل بالالتزام ، إذ فعلية المجعول تابعة لواقع الجعل.
وهذا بخلافه في الطريق الثاني ، فإنّ الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية في طول وصول الحكم الواقعي ، فلا يمكن أن يكون هو المبدأ لإيصاله.
ثم إن هناك إشكالا مشتركا يرد على كلا الطريقين ، وقد اتضحت جذوره ممّا تقدم ، وحاصله : إنه قد اتضح انّه لا يعقل أن تعالج الشبهة الموضوعية