الاستصحاب في عدم الفسق ، وإنّما نقول : إنّ العام قبل مجيء المخصص ، وزّع الحكم على جميع العناوين ، وبعد مجيء المخصّص أسقط الحكم عن بعضها ، وحينئذ ، يمكن إدراج المشكوك تحت أحد العناوين الباقية تحت العام ولم يخرجها المخصص ، فيثبت لها حكمه.
إلّا أنّ هذه المحاولة غير صحيحة ، وذلك لأنّ العام حينما ورد بلسان ، «أكرم كل فقير» ، فهو وإن جعل الحكم على كلّ العناوين الممكنة له ، لكن ليس معنى هذا ، انّ هذه العناوين بما هي عناوين ، صارت موضوعات للأحكام الشرعية ، بل بمعنى انّ حكم العام عليها لا يختص بافراد هذا العنوان دون افراد ذاك العنوان ، وليس معنى عدم إكرام الفاسق ، انّه حكم بعدم إكرامه بما هو جزء ، فإنّ هذا خلف وحدة الجعل ، إذ العموم معناه عدم الاختصاص ، لا الجمع بين الاختصاصات ، إذن ، فعدم الفسق لم يقع جزءا من موضوع حكم العام لكي نجري فيه الاستصحاب ، بل إنّ لسان «أكرم كلّ فقير» يدل عمومه على أنّ الحكم غير مختص بأفراد العادل دون الفاسق ، لا أنه اختص بهذا تارة ، وبذاك أخرى ، إذن ، فبناء على أنّ العام لا يتعنون بمقتضى حكم الخاص ، فإن أمكن لصاحب هذا المسلك ، أن يتمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فهو ، وإلّا فسوف يتعذّر عليه الوصول إلى صيغة فنيّة لإجراء استصحاب موضوعي في العدم غير الأزلي ـ كعدم الفسق ـ فضلا عن العدم الأزلي ـ كعدم القرشيّة.
وبعد تحرير المسألة ، يتبيّن انّ الأقوال في المسألة ثلاثة.
١ ـ القول الأول : هو المنع من جريان استصحاب العدم الأزلي مطلقا ، كما ذهب إليه الميرزا (قده).
٢ ـ القول الثاني : هو القول بالتفصيل ، فيجري على بعض التقادير ، دون بعضها الآخر ، كما ذهب إليه المحقق العراقي (قده).
٣ ـ القول الثالث : هو القول بجريانه مطلقا ، كما هو مقتضى إطلاق عبارة الكفاية.