وقد ذهب إلى هذا الأخير السيد الخوئي (قده) تبعا للكفاية.
ولتمحيص الأقوال ، نبدأ بالأول ، وهو عدم جريان الاستصحاب في العدم الأزلي مطلقا ، كما هو مختار النائيني (قده). فإن الميرزا (قده) له كلامان ، كلام مذكور في كتب مقرري بحثه ، ناظر إلى الموضع الأول ، وهو المنع من جريانه لإثبات حكم العام بعد التخصيص ، حتى إنّ المحقق العراقي (قده) عند ما اعترض عليه ، كان مصب اعتراضاته الموضعين الأخيرين ، فردّ عليه السيد الخوئي (قده) بأنّ كلامه في واد ، وكلام الميرزا (قده) في واد آخر ، حيث انّ كلا منهما تكلم في موضوع غير ما تكلم به الآخر. فالميرزا ناظر إلى الموضع الأول بينما العراقي ناظر إلى الثاني والثالث.
وللميرزا (قده) كلام آخر ذكره في رسالته المعقودة في حكم اللباس المشكوك ، حيث ذكر فيها كلاما لو تمّ ، لكان ناظرا فيه إلى الموضعين الأخيرين ، ومانعا فيه من جريان الاستصحاب المذكور فيهما.
ويقع الكلام في تحقيق الأول في جهتين.
١ ـ الجهة الأولى : هي في فرز النقاط ، لنعرف أين يقع الاختلاف بين الميرزا (قده) ، وبين السيد الخوئي والكفاية القائلين بجريانه مطلقا ، فهنا عدة نقاط.
أ ـ النقطة الأولى : وهي تتضمّن مطلبا كليا كبرويا ، وحاصله : هو أنه كلّما كان الموضوع مركبا من جزءين ، سواء كانا وجوديّين أو عدميّين ، أو أحدهما وجودي ، والآخر عدمي ، فإن كان هذا الجزء المأخوذ في الموضوع ، مأخوذا فيه بما هو هو ، وبحيال ذاته ، فحينئذ ، إن كان له بهذا الاعتبار ، حالة سابقة ، أمكن إجراء استصحاب العدم الأزلي فيه ، وحينئذ ، يحرز الموضوع بوجدان ونحوه ، فيتنقح به موضوع حكم العام.
وأمّا إذا كان هذا الجزء غير مأخوذ في الموضوع بما هو هو ، بل مأخوذ