علة ، مع انّ الملازمة بين العلة والمعلول لا تحتاج في وجودها إلى علة ، فهذا الربط الذي يسمّى ربط واقعي ، المحفوظ بين كل صفة وموصوفها هو الذي يكون ما بإزاء النسبة ، والنسبة هي تحصيص أحد المفهومين بمفهوم آخر فيما إذا كان بينهما ربط واقعي بهذا المعنى.
إذن فالنعتيّة ، عبارة عن تضييق أحد المفهومين بالآخر ، بحيث يكون حاكيا عن ربط واقعي بينهما.
وهذا الربط الواقعي ، إذا أمكن تعقّله من قبل الذهن البشري ، انتزع منه نسبة ذهنية ، تكون بالنسبة لذلك الربط ، كالماهيّة بالنسبة إلى الوجود ، وتكون هذه النسبة حاكية عن ذلك الربط الثابت في لوح الواقع ، وإذا لم يمكن تعقل هذا الربط لدى الذهن البشري ، فحينئذ ينتزع مفهوما اسميا للتعبير عنه والإشارة إليه.
وهذا الربط قد ينتزع من كل نحو من أنحائه مفهوم اسمي فالربط الواقعي بين الصفة والموصوف ينتزع منه مفهوم الوصفيّة والموصوفيّة ، والربط بين الظرف والمظروف كذلك ينتزع منه الظرفيّة والمظروفيّة ، وهكذا ينتزع من هذا الربط مفاهيم أخرى بحسب ما يتعقّل الذهن البشري ، وواحد من هذه المفاهيم مفهوم النعتيّة الذي هو عبارة أخرى عن الصفتيّة ، وكذلك الصفتية ، وكلاهما شأن من شئون بعض أنحاء الربط الواقعي ، وهو ربط الصفة بالموصوف ، فإنه ربط ينتزع منه ، انّ هذا عارض وذاك محلّه.
وهناك أنحاء أخرى من الربط لا ينتزع منها الصفتيّة ، كما لو قلنا : «جاء زيد وعمرو معا» ، فهنا : كلمة «معا» تدل على نسبة ذهنية ، وهذه النسبة هي بإزاء نحو من الربط الواقعي بين زيد وعمرو ، ولكن هذا الربط لا ينتزع منه انّ زيدا صفة لعمرو ولا العكس أيضا ، بل ينتزع منه مفهوم اسمي آخر ، كالمقارنة بين مجيء عمرو وزيد ، وهكذا كلّ مفهوم ينتزع منه مفهوم اسمي مناسب له.
وحينئذ ، في مقام تحقيق جريان الاستصحاب وبيان ما هو العدم