بل باستطاعة الفقيه ، أن يعمل بعدئذ بما بقي من العمومات لو صادفها ، مع انّ المطلوب إثباته هو وجوب الفحص مطلقا (١).
إذن فالبيان المذكور تام ، ما دام العلم الإجمالي موجودا فقط.
وهذا الكلام يشبه جواب الأصوليين للأخباريين الذين استدلوا في بحث البراءة على وجوب الاحتياط ، بالعلم الإجمالي ، بوجود تكاليف في المتبقّي من العام بعد الانحلال ، حيث وإن أصبح الشك في هذا الباقي شكا بدويا ، لكن مقتضى الاحتياط هو الاحتياط باتيانه ، دون أن تجري فيه البراءة.
بينما كان الأصولي يجيب الأخباري ، بأنّ هذا العلم الإجمالي يكون منجزا ما دام موجودا ، فإذا انحل بعلم تفصيلي ببعض الأحكام ، يصبح الشك في المتبقي من هذا العلم الإجمالي شكا بدويا فتجري فيه البراءة حينئذ.
وقد تصدّى المحقق العراقي (قده) (٢) للإشكال على دفع الأصوليين هذا ، بأنّ العلم الإجمالي في المقام ، لا يسقط عن المنجزية بعد حصول العلم التفصيلي ، وحاصل ما أفاده ، نبرزه في مقدمتين.
أ ـ المقدمة الأولى : في بيان معنى الانحلال الحكمي ، والانحلال الحقيقي ، حيث يقال : انّ العلم التفصيلي في أمثال المقام لا يوجب الانحلال الحقيقي للعلم الإجمالي ، بل يوجب الانحلال الحكمي.
ب ـ المقدمة الثانية : هي انّه كلّ ما يوجب الانحلال الحكمي ، فهو إنّما يحل العلم الإجمالي لو قارنه ، وأمّا إذا تأخر عنه فلا يوجب انحلاله.
ولتوضيح ذلك ، نتكلم في جهتين :
١ ـ الجهة الأولى : في معنى الانحلال الحقيقي والحكمي ، فنقول : إنّ هناك ثلاث حالات لفرض العلم الإجمالي.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
(٢) مقالات الأصول ـ العراقي ـ ج ٢ ـ ص ٥٢ ـ ٥٣.