وقد خالف في ذلك المحقق النائيني (قده) ، فذهب إلى انّه يمكن إحراز وحدة الحكم من نفس المطلق والمقيّد ، ببرهان انه لو ورد حكمان تعلّق أحدهما بعتق طبيعي الرقبة ، وتعلّق الآخر بعتق الرقبة المؤمنة ، لكان نتيجة ذلك حينئذ التخيير بين الأقل والأكثر ، لأنّه إمّا أن يعتق رقبة مؤمنة من أول الأمر ولا شيء عليه ، وإمّا أن يختار الرقبة الكافرة أولا ، وحينئذ ، يجب عليه عتق الرقبة المؤمنة بعد ذلك ، فأمره دائر بين عتق رقبة مؤمنة فقط ، أو عتق رقبتين ، كافرة ، ومؤمنة ، والتخيير بينهما كذلك بلا عناية ، محال ، ومع العناية ، وهو أخذ الأقل بشرط لا ، خلاف ظاهر الدليل ، وهو باطل إمّا ثبوتا ، وإمّا إثباتا ، وحيث يبطل تعدّد الحكم يثبت وحدته.
وهذا الوجه غير تام : وذلك لأنّ التخيير بين الأقل والأكثر الذي يقول بلزومه الميرزا (قده) في تعدّد الحكم فيهما ، إن كان يريد به التخيير في عالم الحكم والجعل ، يعني وجود وجوب تخييري واحد متعلّق بالجامع بين الأقل والأكثر فهو غير صحيح ، لأنّا نقول بوجود وجوبين في عالم الجعل ، أحدهما متعلّق بالأكثر ، والآخر متعلّق بالحصة الخاصة.
وإن كان يريد به التخيير في عالم الامتثال بين الوجوبين وبحسب النتيجة العملية ، فهذا صحيح ، ولكن لا يلزم منه محذور ثبوتي ولا إثباتي.
أمّا عدم لزوم الأول ، فلأنّ الجعل تعيّن على كل حال في كل منهما ، فلا يلزم التخيير في عالم الجعل بين الأقل والأكثر.
وأمّا عدم لزوم الثاني : فلأنّ هذا التخيير شأن من شئون الامتثال ، وليس مفاد الدليل ، إذ مفاد الدليل هو الحكم ، وهو لا تخيير فيه ، وإنّما التخيير في ما هو ليس مفاد للدليل.
وإن شئت قلت : إنّ الذي فيه التخيير ، وهو الامتثال ، ليس مفادا للدليل ، وما هو مفاد للدليل ، وهو الجعل ، ليس فيه تخيير.
وعليه : فالصحيح ما عليه المشهور ممثّلا بصاحب الكفاية (قده).