ظهور حالي أيضا دالّ على التقييد في المقيد ، وحينئذ لا بدّ من رفع اليد عن أخذ هذين الظهورين الحاليين ، لأنّه ، إمّا أن نقيّد المطلق ـ وهو «أعتق الرقبة» ـ بالإيمان ، وهذا مرجعه إلى أنّ المولى في المطلق أي ، «أعتق رقبة» لم يقل كلّ ما يرومه ، أي أنّه لم يكن في مقام بيان تمام مرامه بشخص كلامه ، وهذا رفع لليد عن الظهور الأول ، وإمّا ان نعكس ، فنبقي المطلق على حاله ، لكن قيد الإيمان في ، «أعتق رقبة مؤمنة» نحمله على المثاليّة ، وانّه ليس مرادا جدّيا له ، بل مراده الجدي ، عتق اصل الرقبة ، وقد ذكر الإيمان من باب المثال ، وهذا مرجعه إلى انّه لم يرد من قوله : «أعتق رقبة مؤمنة» كل ما قاله ، فنرفع اليد عن الظهور الثاني ، وهذا خلاف الظهور في المقيّد ، وفي مثل ذلك ، نحتاج إلى مصادرة إضافيّة وراء مقدمات الحكمة في مقام ترجيح أحد هذين الظهورين على الآخر.
وهذه المصادرة الإضافية لها حالتان.
الحالة الأولى : هي ان يكون المقيّد ناظرا إلى المطلق ويكون لسانه لسان دليل شرطيّة ، أو مانعيّة ، كما لو قال في دليل منفصل بعد قوله : أعتق رقبة ، و «لتكن الرقبة التي تعتقها مؤمنة» ، فيكون له نظر إلى الظهور الأول ، وفي مثله ، المصادرة التي نحتاجها في المقام هي نظرية الحكومة والتي مفادها : انّ كل متكلّم بكلامين أحدهما مفسّر للمراد من الآخر ، يكون قرينة عليه ، ويسمّى حاكما ، والآخر محكوما ، ومع وجود هذه المصادرة يتقدّم دليل المقيّد على المطلق باعتبار الحكومة ، فإنّ الدليل الحاكم يقدّم على الدليل المحكوم ، كما هو مفصّل في محلّه.
٢ ـ الحالة الثانية : هي ان يفرض انّ هذا المقيّد ليس ناظرا إلى المطلق ، بل كان كلّ منهما كلاما مستقلا كما لو قال : «أعتق رقبة» ، وقال : «أعتق رقبة مؤمنة» ، وعلمنا بوحدة الحكم فيهما ، ففي مثله : لا يكون المقيّد حاكما على المطلق ، لأنّه ليس ناظرا إلى تفسير المراد من الكلام الذي يشتمل على المطلق ، وإنّما هو بيان في نفسه ، سواء جاء مطلقا أم لا ، إذن فمصادرة