وأمّا انحلال المحذور الثاني ، لأنّ الاستيعاب الثاني أجزائي يطرأ على المستوعب الأفرادي ، ويكون سنخ أحدهما غير سنخ الآخر.
والخلاصة هي ، انّ أداة العموم إذا دخلت على المعرّف باللّام ، تدل على الاستيعاب الأجزائي ، كما ذكرنا ذلك في التمييز بين العموم المجموعي والعموم الاستغراقي ، وفي المقام ، أيضا تدل الأداة على الاستيعاب الأجزائي لمدخولها ، وهو الجمع المحلّى باللّام ، لأنّ الأفراد التي استوعبها الجمع المحلّى واستغرقها ، ببركة دخول اللّام عليه ، يصبح كل منها بمثابة جزء من ذلك المعنى الواحد ، وحينئذ ، تدل الأداة على استيعاب تمام تلك الأجزاء ، إذن فالاستيعاب المستفاد من الجمع المحلّى ، غير الاستيعاب المستفاد من أداة «كل» ، وبهذا لا يلزم المحذور الإثباتي ، وهو ، التكرار ، كما أنّه لا يلزم المحذور الثبوتي ، وهو دخول الأداة على الجمع المحلّى ، والمسمّى بقبول المماثل للمماثل ، أو المستغرق لاستغراق آخر.
ثم إنّ هناك وجوها أخرى نستعرضها يستدلّ بها لإثبات أنّ «الجمع المحلّى باللام» يدلّ على العموم ، ومن خلالها ، يتضح الحقيقة ، والمختار.
١ ـ الوجه الأول : هو صحة الاستثناء منه ، كما في قولك : «أكرم العلماء إلّا زيدا» ومعنى الاستثناء هو ، إخراج ما لو لا الاستثناء لدخل.
وحينئذ نقول : انّ هذا الفرد المستثنى ، والذي كان داخلا في معنى كلمة «العلماء» ، هل هو داخل في المدلول الوضعي للكلمة ، أم في المدلول الناشئ من مقدمات الحكمة والإطلاق ،؟ والثاني باطل ، فيتعيّن الأول.
وأمّا بطلان الثاني ، فلأنّ مقدمات الحكمة ، ترجع إلى مرحلة المدلول الاستعمالي ، وهذا يعني أنّ المستثنى داخل في المدلول الوضعي لكلمة «العلماء» ، وبه يثبت أنّ «الجمع المعرّف باللّام» موضوع للعموم ، لأنّ المدلول الإطلاقي الحكمي مدلول تصديقي جدّي لا يكون إلّا في موارد وجود الإرادة التصديقية ، بينما صحة الاستثناء هذا ، غير موقوف على ذلك.
والجواب عن هذا الوجه ، نقضا وحلا.