المشتملة على المستثنى لا التسعة ، وهذا لا كلام في صحته وكونه استعمالا حقيقيا حتى عند المنكرين لدلالة الجمع على العموم.
لكن السؤال حينئذ هو ، هل انّه يوجد في الكلام ظهور يقتضي كون المراد الاستعمالي فيه هو العشرة؟ ولو كان لفظ العلماء موضوعا للعموم ، لتعيّن أن يكون المراد ذلك.
والخلاصة هي : إنّ الكلام إنّما هو في أنّه هل يتعيّن استعماله فيه كي يمكننا إثباته باصالة الحقيقة ، أو انّه لا يتعيّن فيه ، بل يمكن استعماله كذلك في الأقل ، إذن ، فصحة الاستثناء لا يبرهن إلّا على أنّ المستثنى كان داخلا في المراد الاستعمالي من المستثنى منه لو لا الاستثناء ، وهذا لا يدل إلّا على جواز استعمال اللفظ في العشرة حقيقة ، وهذا لا خلاف فيه ، وإنّما محل الخلاف ، في جواز استعماله في غيره حقيقة وعدم جواز ذلك ، ونحن نريد إثبات عدم جوازه في غيره إلّا مجازا ، وهذا لا يثبت بهذا البرهان ، فإنه يصح أن نقول : «أكرم علماء البلد إلّا زيدا» ، بلا عناية ، مع انّ لفظ علماء البلد ، «الجمع المضاف» لا دلالة فيه على العموم ، وهذا منبّه للوجدان ، إلى أنّ صحة الاستثناء لا تكون برهانا على وضع اللفظ للعموم.
الوجه الثاني : هو أنّه لا شكّ في دلالة قوله : «أكرم كل العلماء» على العموم ، ولو لا كلمة ، «كل» ، لكان ذلك موردا للنزاع ، وقد استدللنا به سابقا على نفي دلالة الجمع المعرّف على العموم.
وتقريب الاستدلال به على العموم هو ، أنّ «كل» ، إذا دخلت على المعرفة ، يكون مفادها الاستيعاب الأجزائي والتأكيد على أنّ الحكم ثابت لتمام أجزاء المدخول ، فهي لا تحدد ماهيّة أجزاء المدخول بحسب الوضع ، بل ماهيّته ، تتحدّد من قبل نفس المدلول الاستعمالي للفظ المدخول ، وهذا يعني : أنّ لفظ «العلماء» في المثال ، يدل بنفسه ضمنا على أنّ كل فرد من أفراد «العلماء» يشكل جزءا من مدخول «كل» ، وهذا معنى العموم.
وهذا الوجه يبطل نقضا وحلا.