تكون جميع أفراد الطبيعة المطلقة متعيّنة صدقا ، كذلك جميع أفراد الطبيعة المقيّدة تكون متعيّنة صدقا.
وبناء على هذا ، فإننا نحتاج إلى دال آخر لإثبات كون الطبيعة المستوعبة المستغرقة هي المطلقة لا المقيدة ، لأنّ «اللام» الدالة على التعيين لا تقتضي إلّا نفي احتمال كون المستوعب بعض أفراد الطبيعة المطلقة.
إذن فكل قيد يطرأ على طبيعة العالم ، يكون مقيدا للمقدمات ، وليس تصرفا في مدلول «اللام».
وعليه يكون نتيجة تقييد المعرّف «باللام» ، كنتيجة تقييد المطلقات ، أي انّ القيد يعرض على المقدمات وليس على الدلالة الوضعية للكلمة ، ولذا نشعر وجدانا أنّ تقييد «أكرم كل عالم» ، فيه عناية أكبر من العناية الموجودة في تقييد «أكرم العلماء» ، مع انّه لو كانت دلالة كل منهما على العموم بالوضع ، لاحتاج الفرق إلى تفسير ، بينما على ما ذكرنا ، فإنّ العموم المستفاد من «اللام» تدخل في مقدمات الحكمة ، والعناية في تقييدها ، أخف مئونة من تقييد العموم المستفاد من «كل» لأنّه بالوضع.
وزيادة في توضيح دفع الوجه الثالث المتقدم نقول : إنّه لا إشكال في ان الجمع له مراتب وهذه المراتب تمثل كثرات متغايرة ، بعضها أكبر من بعض ، وكل كثرة من هذه الكثرات لها محدّد به يكون قوامها ، وهذا المحدّد على قسمين ، محددات كميّة ، ومحددات نوعية. أمّا المحدد الأول : فنريد به الكثرة التي تكون محددة بعدد صحيح أو كسري ، مثل سبعة ، وثمانية ، وعشرة ، وثلث ، وربع ونصف ونحوها ، وأمّا المحدّد الثاني : فنريد به ، الكثرة المنتسبة إلى فئة خاصة ، كالعلماء العدول ، والعلماء الفقهاء ، والعلماء المؤلفين ونحو ذلك. وحينئذ ، بعد هذا نقول : إن هيئة الجمع موضوعة لمعنى اسمي ، هو هذه الكثرات ، لكن وضعها لذلك يتصور على نحوين :
أ ـ النحو الأول : هو أنها موضوعة لها بنحو لا تكون دالة على ما به تتحدد كل كثرة ، أي أنها موضوعة للقدر المشترك بين هذه الكثرات ، وحينئذ ، لو أريد كثرة بعينها لزم أن يكون حدّها الكمّي أو النوعي مبينا بدال آخر.