ب ـ النحو الثاني : هو أنها موضوعة لها بنحو الوضع العام والموضوع له الخاص ، فيتصوّر الواضع الجامع بينها ثمّ يجعله مشيرا إلى واقع هذه الكثرات بحدودها الذاتية التي يتميز بها كلّ كثرة عن الأخرى ، ووضع الهيئة لأشخاص تلك الكثرات ، وحينئذ تكون كلّ كثرة بحدها الكمّي أو النوعي مدلولا للهيئة على نحو البدل ، كالمشترك اللفظي ، غاية الأمر انّه يختلف عن المشترك اللفظي بأنّه بوضع واحد ، بينما المشترك اللفظي بوضعين ، كما ذكرنا سابقا ، وهذه ميزة هذا القسم من الوضع ، وعليه يكون استعمال هيئة الجمع في كلّ كثرة بحدّها صحيحا وحقيقة.
وبناء على القسم الثاني ، فإنّ كلمة «علماء» يصح استعمالها في أيّ كثرة ، فيجوز للمستعمل لها ، أن يقول : إني أردت الكثرة الفلانيّة ، ويكون ذلك صحيحا ولا اعتراض عليه ، نعم يكون مجملا في مقام التفهيم والتفهم لو قال : «أكرم علماء» ، وسكت ، ولكن لو أدخل «اللام» فقال : «أكرم العلماء» ، فحينئذ نقول : إنّه لا بدّ وأن يكون قد أراد كثرة محدّدة ، لكن تلك الكثرة ، لو كان حدّها كميّا لا تكون ذات تعيّن صدقي ، حتى لو صرّح به المتكلم فقال : أردت سبعة مثلا ، لأنّه لا ندري أيّ سبعة أراد ، إذ أنّ السبعة قابلة للصدق على سبعات متعددة ، بينما لو كان حدّها نوعيا فحينئذ ، تكون متعيّنة صدقا. لأنّها تستوعب تمام الأفراد ، سواء أكان باعتبار أصل الطبيعة ، ويسمّى بالاستغراق الكامل ، أم كان باعتبار صفة من الصفات الطارئة عليها ، «كالعدالة» ، فإنّ هذا المحدّد متعيّن الصدق خارجا ، وحينئذ الكثرة ، مدخول «اللام» الدالة على التعيين ، لم يرد منها كثرة محدّدها كميا ، أي ، «كثرة متناهية» ، بل أريد منها كثرة محدّدها نوعيا ، أي ، «كثرة غير متناهية» ، وهذه يعبّر عنها أصوليا بالاستغراق.
ولمّا كانت الحدود النوعيّة متعدّدة ، حينئذ نسأل : إنّه أيّ كثرة محدّدة نوعيا أرادها المتكلم؟
والجواب : إنّ «اللام» تثبت التعين ، والتعين الصدقي موجود في جميع