والخلاصة هي ، أنّ الطبيعة في متعلق النهي أو الأمر قد تكون شموليّة ، وقد تكون بدليّة ، وهذا ليس عموما ، لأنّ مناط عموميّة العموم هو ، عبارة عن الدلالة على استيعاب أفراد الطبيعة وضعا لا مجرد كون الطبيعة ملحوظة بنحو الشموليّة ، كما هو الحال في وقوع الطبيعة موضوعا ، أيّ متعلق المتعلق للأمر ، كما في قوله ، «أكرم العالم» فإنّ موضوعات الأحكام دائما تجري فيها مقدمات الحكمة وتثبت فيها الاستغراقية.
٤ ـ التعليق الرابع : هو أنّ هذا الدليل العقلي ، لا يغني عن القرينة العقليّة المسمّاة بمقدمات الحكمة في إفادة الاستغراقيّة (١) ، لأنّ مفاده هو ، أنّ انتفاء الطبيعة لا يكون إلا بانتفاء جميع أفرادها ، وهذا صحيح ، لكنه لا يدل على أنّ التحريم تعلّق بالمطلق أو بالمقيّد في مرحلة المدلول الجدي ، وإن كان في مرحلة المدلول اللفظي تعلّق بالطبيعة بلا قيد ، لكن لا ندري ، فإن كان قد تعلق بالمطلق ، فسوف لن يحصل الامتثال إلّا بانتفاء المطلق ـ أي جميع الأفراد ـ وإن كان قد تعلق بالمقيّد ، فسوف يحصل الامتثال بانتفاء المقيّد.
ومقدمات الحكمة حينئذ ، تعيّن أنّ مصب الحكم هو المراد الجدي للكلام وهو المطلق.
إذن بواسطة مقدمات الحكمة ، يتنقح موضوع هذه الدلالة العقلية.
والخلاصة : هي أنّ القرينة العقليّة المزبورة ، غاية ما تقتضيه هو أنّ متعلق النهي أو النفي من الطبائع لا تنعدم إلّا بانعدام تمام أفرادها خارجا ، وأمّا تحديد الطبيعة المتعلق بها النهي أو النفي هل إنّها الطبيعة المطلقة أو المقيّدة ، فهذا خارج عن وظيفتها ، وإنما يتكفل بإثباته الإطلاق ومقدمات الحكمة كما ذكرنا سابقا.
٥ ـ التعليق الخامس : هو انّه ، هل صحيح ، انّ الطبيعة توجد بوجود
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٣٣٤.