فقالوا له : نفعل ولقد كنّا نحبّ أن تقوله له ونقول ، قال : فأخذ نعليه ومشى وهو يقول : (... وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(١).
فعلمنا أنّه لا يقول له شيئاً قال : فخرج إلينا متوثباً للشر وهو لا يشك أنّه إنّما جاءه مكافياً له على بعض ما كان منه فقال له علي بن الحسين عليهالسلام : «يا أَخي إنَّكَ كُنتَ قَد وَقفتَ عليَّ آنفاً قُلتَ وَقُلتَ فإن كُنتَ قَد قُلتَ ما فيَّ فأنا استغفرُ اللهَ مِنهُ وإن كُنتَ قُلتَ ما لَيس فيَّ فَغفرَ اللهُ لَكَ».
قال (الراوي) فقبل الرجل بين عينيه وقال : بلى قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به.
قال الراوي الحديث : والرجل هو الحسن بن الحسن عليهالسلام (٢).
٧ ـ ونقرأ في حالات الإمام الباقر : عن محمد بن سليمان عن أبيه قال : كان رجل من أهل الشام يختلف على أبي جعفر عليهالسلام (الإمام الباقر) وكان مركزه بالمدينة يختلف إلى مجلس أبي جعفر يقول له : يا محمد ألا ترى أنّي إنّما أغشى مجلسك حياء منك ولا أقول أنّ أحداً في الأرض أبغض إليَّ منكم أهل البيت ، وأعلم أنّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ولكن أراك رجلاً فصيحاً لك أدب وحسن لفظ ، فإنّما اختلافي إليك لحسن أدبك.
وكان أبو جعفر عليهالسلام يقول له خيراً ويقول : لن تخفى على الله خافية فلم يلبث الشامي إلّا قليلاً حتى مرض واشتدّ وجعه ، فلمّا ثقل دعا وليّه وقال له : إذا أنت مددت عليَّ الثوب فأت محمد بن علي عليهالسلام وسله أن يصلّي عليَّ واعلمه إنّي أنا الذي أمرتك بذلك.
قال : فلمّا أن كان في نصف الليل ظنّوا أنّه قد برد وسجّوه ، فلمّا أن أصبح الناس خرج وليّه إلى المسجد ، فلمّا أن صلّى محمد بن علي عليهالسلام وتورّك وكان إذا صلّى عقب في مجلسه ، قال له : يا أبا جعفر إنّ فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلي عليه.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : كلّا إنّ بلاد الشام بلاد صرد والحجاز بلاد حر لهبها شديد انطلق فلا
__________________
١ ـ سورة آل عمران ، الآية ١٣٤.
٢ ـ منتهى الآمال ،