والحسد والرياء والمداهنة وأمثال ذلك ، فهذا يدلّ على أنّ الظروف الاجتماعية في ذلك الوقت كانت على غير ما يرام ، أو أنّ هذا الشخص يعيش ضعف الإيمان والتأثر بالنوازع النفسية والذاتية.
ومن مجموع ما تقدّم آنفاً يمكننا الخروج بالنتيجة التالية :
إنّ الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يأنس بالآخرين ولكن بالرغم من ذلك فإنّه يحتاج في كل يوم إلى ساعة أو عدّة ساعات للخلوة بربّه والانس بمناجاته وخاصة في الساعات من الليل ليكرّس هذا الوقت للعبادة والمناجاة والانفتاح على الله تعالى كما هو حال السالكين إلى الله والعرفاء الإسلاميين الذين يحرصون على الخلوة بالله تعالى والارتباط معه من موقع الانس والعشق والتوكّل بحيث لا يرون غيره ولا يأنسون بغيره.
وأحياناً يتّخذ بعض الأشخاص سلوك الابتعاد عن الناس من موقع الاعتراض على فساد الحال ، ويكون ذلك أحد الطرق المشروعة للنهي عن المنكر والتصدّي للمفاسد الاجتماعية حيث يتسبب هذا السلوك السلبي تجاه الناس أن يخلق فيهم صدمة توقظهم من غفلتهم كما قد يشاهد مثل هذه السلوكيات من بعض العلماء الذين تركوا مجتمعهم وهجروا الناس اعتراضاً على بعض ما رأوه من انحرافات في سلوك الناس ، ولم تمض فترة حتى أحسّ الناس بحالهم والنقص الذي خلّفه رحيل هذا العالم فانتبهوا من سباتهم وتوجّهوا إلى ذلك العالم وطلبوا منه الرجوع إليهم شريطة أن يصلحوا أعمالهم ويسلكوا جادّة الصواب ، كل هذه الاستثناءات من القاعدة الأساسية تكاد تكون مقبولة ومعقولة في مقابل الأصل العام وهو ضرورة الاجتماع والمعاشرة مع الناس.
أسباب ونتائج الاجتماع والانزواء :
إنّ الدافع الأصلي في سلوك الإنسان في حركة الحياة من موقع الاجتماع والمعاشرة مع الآخرين ينبع من طبع الإنسان ، ولذلك قيل أنّ (الإنسان مدني بالطبع) كما يقول علماء الاجتماع ، وعليه فإنّ العزلة لا تنسجم مع روح الإنسان المنفتحة على الآخرين ، وكما يقول