علاج حبّ الجاه :
بالنظر للأبحاث التي مرّت بنا في الوقاية أو معالجة الرذائل الأخلاقية اتضح لدينا أصل كلّي وهو أن المبتلين بتلك الرذائل الأخلاقية إذا ما تنبهوا للعواقب السيئة لهذهِ الصفات ، فإنّهم في الأغلب الأعم سيفكرون في طرق العلاج لها وتركها.
وهذا الأصل يصدق أيضاً في مورد حب الجاه ، فإذا ما انتبه المبتلي بحبّ الجاه الى أنّ هذهِ الرذيلة لا تبعده عن الخالق فحسب بل عن المخلوق ايضاً ، فيهرب منه الصديق ويبتعد عنه الناس ، وأنّ هذه الصفة ستجرّه للرياء الذي هو من أخطر الذنوب أو ربّما يصبح «كالسامري» و «قارون» اللذان كفرا وعادا نبي الله عليهالسلام ، وإذا ما علموا أنّ تأثير حبّ الجاه على الإيمان القلبي للإنسان كمثل الذئب الضاري في قطيع الغنم ، فلا يسلم دين وإيمان للإنسان في حركة الحياة الروحية ويستبدله بالنفاق الذي ينبت في قلب المحب للجاه كما ينبت الزرع في الأرض السهلة ، فإذا علم الإنسان بكل هذه المخاطر والآثار المخرّبة لهذه الرذيلة فسوف يجدد النظر في سلوكياته وأعماله قطعاً.
وإذا فكر هذا الشخص بعدم ثبات هذهِ الدنيا والتفت إلى قصر العمر وأنّ النعم مواهب مؤقتة وعارية مستردة أو على حد تعبير بعض علماء الأخلاق ، أنّ كل الناس شرقاً وغرباً لو سجدوا للإنسان لمدّة طويلة فلا يلبث أن يموت الساجد والمسجود له ، فمن الأكيد أنّه سينتبه من غفلته ويرعوي من سلوكه.
ومن الدروس الاخرى النافعة في التخلص من حبّ الجاه والسلطة هو مطالعة أحوال وحياة فرعون ونمرود وقارون والسامري ، ونهاية حياتهم المؤسفة ، هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فإنّ حب الجاه ناشيء من ضعف الإيمان خصوصاً الإعتقاد بالتوحيد الأفعالي ، فبتقوية دعائم الإيمان في أعماق القلب سيزول حب الجاه ، فمن يدرك عظمة الله تعالى ، يوقن أنّ العالم بأسره لا يساوي شيئاً في مقابل ذاته المُقدّسة ، وأن العزّة والذلة والعظمة والحقارة بيد الله تعالى ، والأهم من ذلك كلّه أن القلوب بيد خالقها ، فلا يمكن الاعتماد على اقبال الناس وإدبارهم ، فإن إقبالهم وإدبارهم لا ثبات فيه مطلقاً ولا يعتمد عليه ، فالبعض