تعالى والصالحين من العباد الذين يتحرّكون في سلوكهم الأخلاقي والاجتماعي تبعاً للأنبياء والأولياء فإنّهم يراعون حق هذه الأمانة ويسعون لأدائها والقيام بهذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم ، وفي الحقيقة إنّ هؤلاء يمثّلون الهدف الأسمى من وجود عالم الخليقة ووجود الإنسان.
ومن مجموع ما ورد من الآيات أعلاه يتّضح جيداً أهميّة حفظ الأمانة (سواءً الأمانات الإلهيّة أو الإنسانية) وجعله من علامات العقل والإيمان والعدالة.
الأمانة والخيانة في الروايات الإسلامية :
أمّا ما ورد من الأحاديث الشريفة عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام فإنّه يحكي عن الأهميّة البالغة لهذه المسألة حيث وردت الأمانة تارة بعنوان أنّها من الاصول والمباديء الأساسية المشتركة بين جميع الأديان السماوية ، وتارة اخرى بعنوان أنّها علامة للإيمان ، وثالثة بعنوان أنّها سبب نيل الرزق والثروة والثقة والاعتماد لدى الناس وسلامة الدين والدنيا والغنى وعدم الفقر وأمثال ذلك ، وفيما يلي نختار من هذه الروايات الشريفة ما يتضمّن هذه المعاني والمفاهيم العميقة :
١ ـ ورد في حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال للإمام علي عليهالسلام : «يا أبا الحَسَنِ أَدِّ الأَمانَةَ للِبِرِّ والفاجِرِ فِي ما قَلَّ وَجَلَّ حتّى فِي الخَيطِ وَالمَخِيطِ» (١).
ويقول الإمام علي عليهالسلام أنّ النبي قال لي ذلك في الساعة الأخيرة من حياته وكررها عليّ ثلاث مرّات.
٢ ـ وفي حديث آخر عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «لا إِيمانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ» (٢).
٣ ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادق أنّه قال : «إنّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَم يَبعَثً نَبِيّاً إلّا بِصِدقِ
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧٣.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ٦٩ ، ص ١٩٨.