ولكنّ الحقد والعداوة لا يسمحان له بالتسليم في مقابل الحق والإذعان للحقيقة.
«الآية السابعة» : وبعد الإشارة إلى حرمة الميتة والأنعام التي ذبحت للاصنام أو ما ذبح بدون أن يذكر إسم الله عليه فتقول (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(١).
ثمّ تشير إلى أنّ الشياطين يوحون إلى أتباعهم بمفاهيم خاطئة لتبرير أفعالهم وتقول : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).
المجادلة بالباطل هنا كما يذكر جماعة من المفسّرين الكبار أمثال الطبرسي وأبو الفتوح الرازي وسيد قطب هو أنّهم كانوا يقولون أننا إذا أكلنا من لحوم الميتة ، فإنّ ذلك بسبب أنّ الله تعالى قد قتلها وبالتالي فهي أفضل من لحوم الحيوانات التي نقتلها بأيدينا ، وفي الحقيقة فانّهم أهملوا تحريم الميتة الوارد في الشريعة الإلهية من هذا الموقع الزائف.
وهذا التبرير السخيف والباطل لأكل الميتة هو ما أوحى به شياطين الإنس والجن لأوليائهم وأتباعهم ليعينوهم على مجادلة كلام الحق بمثل هذه التبريرات الزائفة ويقارنوا بين اللّحوم الملّوثة والميتة مع اللّحوم الطاهرة التي ذبحت على اسم الله تعالى ويفضّلون الاولى على الثانية.
ويستفاد من هذه العبارة أنّ مثل هذه المجادلة بالباطل تنطلق من دوافع شيطانية.
ويستفاد من بعض الروايات أنّ هذه التبريرات الواهية قد كتبها بعض المجوس في كتاب وأرسلها إلى المشركين من قريش.
«الآية الثامنة» : تتحدّث عن الجدال في حالة الاحرام للحج وتقول : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ).
ونعلم أنّ حالة الاحرام هي حالة معنويّة وروحانية سامية تصعد بالإنسان إلى حيث القرب الإلهي وأن يعيش أجواء الملكوت ، ولهذا السبب فإنّ الكثير من الأعمال المباحة
__________________
١ ـ سورة الأنعام ، الآية ١٢١.