«الآية الخامسة» : تتحدّث عن إصلاح ذات البين والذي يقع في النقطة المقابلة للنميمة وإفساد ذات البين ، وتقول : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أنّها نزلت بعد غزوة بدر حيث حدثت بين رجلين من الأنصار مشاجرة لفظية على الغنائم الحربية ، وصرّحت الآية بأنّ الغنائم الحربية أمرها بيد النبي صلىاللهعليهوآله وعليكم أن تسعوا لإصلاح ذات البين وإزالة الفرقة والاختلاف بين المسلمين.
«الآية السادسة» : تشير إلى الذين يجعلون الله عرضة لأيمانهم في تقواهم واصلاح ذات البين : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقد ورد في تفسير هذه الآية رأيان :
الأول : أنّ هذه الآية ناظرة إلى الأشخاص الذين تتملكهم الحدّة أحياناً فيقولون : سوف لا نفعل الخير أبداً لفلان وفلان ، أو لا نتحرّك لغرض الإصلاح فيما بينهم ، فنزلت الآية الشريفة وقالت إنّ هذه الإيمان باطلة فلا شيء يمكنه أن يمنع عمل الخير والإصلاح بين الناس (وقد ذكر لهذه الآية سبب لنزولها يؤيّد هذه الرؤية حيث ذكر أنّه حصل اختلاف بين زوجين أحدهما بنت أحد الصحابة ويدعى (عبد الله بن رواحة) وقد حلف هذا الصحابي أن لا يقدم على إصلاح ما بينهما من الخلاف والنزاع ، ونزلت الآية وأكّدت على بطلان مثل هذا القسم).
الثاني : هو أنّ هذه الآية تنهى عن القسم لغرض أعمال الخير والتقوى والإصلاح بين الناس ، لأنّ رجحان مثل هذه الأعمال وفضلها إلى درجة من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى القسم.
وعلى أيّة حال فانّ أهميّة إصلاح ذات البين يتّضح من هذه الآية جيداً وخاصة أنّها ذكرت هذه الفضيلة إلى جانب أعمال الخير والتقوى والبر.