إصلاح الأخلاق ، إصلاح العمل ، وإصلاح الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
وذهب بعض المفسّرين في تفسير كلمة الإصلاح أنّ مفهومها هو أَنني اريد إصلاح دنياكم بالعدالة وآخرتكم بالعبادة ، ولكن من الواضح أنّ الإصلاح له مفهوم واسع يستوعب العدالة وغيرها أيضاً.
ثمّ إنّ الآية الشريفة تذكر أنّ النبي شعيب عليهالسلام ولغرض التوفيق في هذا الأمر المهم ، أي إصلاح دين ودنيا الناس في جميع الموارد يطلب من الله تعالى التوفيق لذلك يقول : «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».
واللطيف أنّ النبي شعيب عليهالسلام قال هذا الكلام في حين أنّ قومه كانوا قد غرقوا في دوامة الفساد المالي والأخلاقي ، بحيث كانوا يعدّون نهي شعيب إيّاهم عن عبادة الأصنام والتطفيف في الميزان والفساد المالي مخالف لحريتهم ويقولون : نحن نتعجّب منك ومن عقلك أنّك تريد أن تقف أمام حرّيتنا على مستوى الفكر والعمل ، وكأنّهم مثلما نجده من بعض الناس في هذا الزمان الذين لا يدركون جيداً المفهوم الصحيح للحرّية ولا يعلمون أولا يريدون أن يعلموا أنّ الحرية التي يفتخر بها الإنسان لا بدّ وأن تكون مؤطّرة باطار القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية وإلّا فإنّ مصير الناس إلى الضلال والانحراف والسقوط ، وبذلك أجابهم النبي شعيب عليهالسلام أنّ هدفي هو الإصلاح بالمعنى الواقعي للكلمة لا الاستسلام لأهوائكم وطموحاتكم الدنيوية.
والملفت للنظر أنّ قوم شعيب وصفوا نبيّهم بأنّه إنسان عاقل ورشيد (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) ، ولكنّهم بمجرد أن رأوا هذا النبي يقف أمام مطامحهم ويتصدّى لإصلاح فسادهم المالي والعقائدي ، فإنّهم برزوا له بالمخالفة والعناد.
ومن مجموع الآيات أعلاه تتّضح نقطتين مهمّتين :
الاولى : هي أنّ النميمة والسعي لإيجاد الاختلاف بين الناس يعدّ من أكبر الذنوب وأقبح الصفات الأخلاقية الرذيلة.