هي من حق الناس ، لأنّ نقل الحسنات والسيئات لجبران الضرر الذي لحق بالمستغاب يعني أنّ الغيبة من حقوق الناس.
وبعد أن اتّضح هذا المفهوم وأنّ حق الناس يجب أن يجبر ويعوّض يثار في الذهن هذا السؤال ، وهو أنّ المغتاب كيف يتمكن من جبران خطئه وذنبه؟
ويستفاد من بعض الروايات أنّ المستغاب لو علم بذلك وسمع بأنّ المستغيب يذكره بسوء ، فيجب على المستغيب أن يذهب إليه ويطلب منه أن يرضى عنه ويجعله في حِلّ وإلّا لو لم يتصل به فيجب عليه أن يستغفر الله تعالى ، ويدعو للمستغاب بالرحمة والمغفرة (ليتم له التعويض عن ذلك الظلم في حق أخيه المؤمن) وهذا المضمون ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : «فَإنَّ اغتِيبَ فَبَلَغَ المُغتابَ فَلَم يَبقَ إلّا أَن تَستَحِلَّ مِنهُ وإنْ لَم يَبلُغْهُ وَلَمْ يَلحَقهُ عِلمَ ذَلِكَ فاستَغْفِرِ الله لَهُ» (١).
ويتّضح من هذا الحديث الشريف أنّه لو لم تصل الغيبة إلى مسامع المستغاب فإنّ نقل هذا الخبر إليه قد يتسبب في أذاه أكثر ويترتب على ذلك مسؤولية أكبر ، ولهذا السبب نجد أنّ الوارد في الحديث الشريف هو الاستغفار فحسب ، وعليه ففي الموارد التي لا يتأثر فيها المستغاب من خبر الغيبة فلا يبعد وجوب طلب التحلل منه وكسب رضاه.
ومن هنا يتّضح جيداً ما ورد في الروايات الشريفة أنّه : «كَفَّارَةُ الإغتِيابِ أَنْ تَستَغفِرَ لِمَنْ إِغتَبتَهُ» (٢).
والشاهد الآخر ما ذكر آنفاً هو الحديث الشريف عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله حيث قال : «مَنْ كانَتْ لأخِيهِ عِندَهُ مَظلَمَةٌ فِي عِرضٍ أَو مالٍ فَليَتَحَلَّلها مِنهُ مِنْ قبلِ أَنْ يَأتِي يَومٌ لَيسَ هُناكَ دِينارٌ وَلا دِرهَمٌ إِنَّما يُؤخَذُ مِنْ حَسَناتِهِ فَإن لَم تَكُن لَهُ حَسَناتٌ اخِذَ مِنْ سَيئَاتِ صاحِبِهِ فَزِيدَتْ عَلَى سَيئَاتِهِ» (٣).
وجاء في أدعية أيّام الاسبوع للإمام زين العابدين عليهالسلام الواردة في ملحقات الصحيفة
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٧٢ ، ص ٢٤٢.
٢ ـ ميزان الحكمة ، ج ٣ ، ص ٢٣٣٩ ، ح ١٥٥٤٣ إلى ١٥٥٤٨.
٣ ـ جامع السعادات ، ج ٢ ، ص ٣٠٦.