سبب ضلالة الخلق بقوله : (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.)
قال سهل : الجدال في الدين والخوض في الباطل.
قال أبو عثمان : كل كلام سوى كلام الله وسنة رسوله أو سير الصالحين فهو من لهو الحديث.
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢))
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) الحكمة ثلاثة : حكمة القرآن ، وهي حقائقها ، وحكمة الإيمان ، وهي المعرفة ، وحكمة البرهان ، وهي إدراك لطائف صنع الحق في الأفعال ، وأصل الحكمة إدراك خطاب الحق بوصف الإلهام.
قال شاه : ثلاثة من علامات الحكمة : إنزال النفس من الناس منزلتها ، وإنزال الناس من الناس لظنهم ، ووعظهم على قدر عقولهم ، فيقوموا بنفع حاضر.
(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ) : رؤية ما دون الله شرك في التوحيد من العرش إلى الثرى ، والشرك على ثلاثة أقسام : شرك النفس ، وهو حظّها من الدنيا ، وشرك العقل ، وهو حظّها من الآخرة ، وشرك القلب ، وهو حظّها من صفاء العبودية ، وأخفى من الشرك ما تستلذّ الروح من تروح أنس الله ، وهو أعظم الحجاب ؛ لأن من بقي من حظه الأكبر فقد احتجب عن الغوص في بحار الألوهية والسير في ميادين الأزلية ، والوصل زجر النفس عن الاشتغال بما دون الله.
قال بعضهم : وعظ لقمان ابنه في ابتداء وعظه على مجانبة الشرك وهو التفرد للحق بالكل نفسا وقلبا وروحا ، فلا تشتغل بالنفس إلا بخدمته ، ولا تلاحظ بالقلب سواه ، ولا تشاهد بالروح غيره ، وهو مقام التفريد في التوحيد.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤))
قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤) : بيّن سبحانه طريق الجمع والتفرقة في هذه الآية فالجمع ما قال : (أَنِ اشْكُرْ لِي) ، فإذا أضاف الشكر إلى الغير فقد شغله بالتفرقة ؛ لأن السبب غير المسبب ، والعارف إذا كمل في معرفته فقد سقط عنه رؤية