(وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) : أن تبتهل إليه ليزيل عنهم ما تخشى فيهم (١).
وقوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) : حكم الله في ذلك أن غيرة الأزل سابقة على عشق النبي صلىاللهعليهوسلم المتفرد عما دون الله حتى تزيله بنعت الغيرة وسر الجبروت من كل ما سوى الله ، وذلك أن زيدا قضى وطره منها ، ليذكره النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك في حال معاشرته معها ، فيضيق صدره بذلك ، ويضطرب حاله ، وينقبض سره ، ويرجع إلى الله بالكلية ؛ لأن هناك له طيب العشق هنيئا سرمدا ، ومقصود الحق من ذلك عذر العاشقين من أمته حتى لا يقدح الناس في أحوالهم ، قال الله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) ، فإن العشق المحمود العفيف المطهر من غبار الوسوسة وهواجس النفسانية والشيطانية مقرب العاشقين إلى عشق الألوهية ومشاهدة الأزلية.
قيل : قرئ عند ذي النون هذه الآية فتأوّه تأوّها ، ثم قال : ذهب بها والله زيد وما على زيد لو فارق الكونين بعد أن ذكره الله من بين أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم باسمه بقوله : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ.)
قال يوسف بن الحسين : سئل ذو النون وأنا حاضر عن قوله : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ) : ترى كان النبي صلىاللهعليهوسلم يحتشم زيدا إذا رآه؟ فقال ذو النون : كيف لا يقول فترى كان زيد يحتشم النبي صلىاللهعليهوسلم إذا رآه إذا قيم لالتماس شيء كان العاقبة قد حكمت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم آجلا ، وإنما كانت عارية عند زيد.
وقوله تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧) : رضا الحق في الأزل في حالة عشق النبي صلىاللهعليهوسلم كان سنة الأنبياء.
(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨))
قوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ.)
قال سهل : أي : معلوما قبل وقوعه عندكم ، وهل يقدر أحد أن يجاوز المقدور.
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ
__________________
(١) أي : وحده ولا تجمع خشية الناس مع خشيته في أن تؤخر شيئا أخبرك به لشيء يشق عليك حتى يفرق لك فيه أمر ، قالت عائشة رضي الله عنها : لو كتم النبي صلىاللهعليهوسلم شيئا مما أوحي إليه لكتم هذه الآية ، نظم الدرر (٦ / ٤٣٠).