وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥))
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : حمد قدمه بما أوجد من العدم بعين صورة ولا مثال ، وجعل حمده إعلاما للحامدين له بأن الحمد منه له حقيقة ، ويفنى حمد الحامدين في حمده نفسه ، جعل للملائكة أجنحة المعرفة على مراتب المقامات ، فضّل بعضهم على بعض في ذلك بقوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ، وللأرواح القدسية أجنحة ، منها جناح المعرفة ، ومنها جناح التوحيد ، ومنها جناح المحبة ، ومنها جناح الشوق ، فبجناح المعرفة تطير إلى عالم الصفات ، وبجناح التوحيد تطير إلى عالم الذات ، وبجناح المحبة تطير إلى المشاهدة ، وبجناح الشوق تطير إلى الوصال.
قال جعفر : أجنحة المؤمنين أربعة : أجنحة التوحيد ، وأجنحة الإيمان ، وأجنحة المعرفة ، وأجنحة الإسلام ، والموحد يطير بأجنحة التوحيد إلى الجبروت ، والمؤمن يطير بأجنحة الإيمان إلى المشاهدة ، والعارف يطير بأجنحة المعرفة إلى الملكوت ، والمسلم يطير بأجنحة الإسلام إلى الجنان.
قيل : الأجنحة أربعة : أجنحة التعظيم ، وأجنحة التفريد ، وأجنحة الحياة ، وأجنحة الحياء ، فأجنحة التعظيم للمقرّبين ، وأجنحة التفريد للروحانيين ، وأجنحة الحياة للوالهين ، وأجنحة الحياء للواصلين.
قال الجنيد : الحمد لله الذي جعل ما أنعم على عباده من أنواع نعمه دليلا هاديا إلى معرفته ، ثم بيّن سبحانه أنه بفضله يزيد في حالات العارفين ، ومعاملات المحبين ، وحسن العاشقين والمعشوقين بقوله : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) ، يزيد في قلوب العارفين المعرفة ، وفي قلوب المحبين المحبة ، وفي قلوب المشتاقين الشوق ، وفي قلوب العاشقين العشق ، وفي قلوب المريدين الإرادة ، وفي أبدان الصديقين قوة العبادة وصفاء المعاملة ، وفي وجوه المستحسنين الحسن ، وفي حلوق الروحانيين حسن الصوت.
وقال ابن عطاء : حسن المعرفة بالله ، وحسن الإقبال عليه ، وحسن المراقبة له والمشاهدة إياه.
وقال بعضهم : يزيد في الخلق ما يشاء محبة في قلوب المؤمنين.
وقيل : التواضع في الإشراف ، والسخاء في الأغنياء ، والتعفف في الفقراء ، والصدق في