وسيئاته ، والظالم الذي ترجح سيئاته على حسناته.
قال جعفر الصادق : فرّق المؤمنين ثلاث فرق ، سماهم مؤمنين أولا عبادنا ، أضافهم إلى نفسه تفضلا منه وكرما ، ثم قال : (اصْطَفَيْنا) ، جعلهم كلهم أصفياء مع علمه بتفاوت معاملاتهم ، ثم جمعهم في آخر الآية يدخلون الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) ، ثم بدأ بالظالمين إخبارا أنه لا يتقرب إليه إلا بصرف كرمه ، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفائية ، ثم ثنّى بالمقتصدين ؛ لأنهم بين الخوف والرجاء ، ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره ، كلهم في الجنة بحرمة كلمة الإخلاص.
قال الجنيد : لما ذكر الميراث دلّ على أن الخلق فيه خاصّ وعامّ ، وأن الميراث لمن هو أقرب وأصح نسبا ، فتصحيح النسبة هو الأصل.
قال : الظالم الذي يحبه لنفسه ، والمقتصد الذي يحبه له ، والسابق هو الذي أسقط عنه مراده لمراد الحق فيه ، فلا يرى لنفسه طلبا ولا مرادا لغلبة سلطان الحق عليه.
سئل النوري عن قوله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) على ماذا عطف بقوله [ثم]؟ قال : عطف على إرادة الأزل والأمر المقضي ، قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) من الخلق الذين سبقت لهم منا الاصطفائية في الأزل.
وقال عبد العزيز المكي : المغفرة للظالمين ، والرحمة للمقتصدين ، والقربة للسابقين.
وقال الحسين : الظالم الباقي مع حاله ، والمقتصد الفاني في حال ، والسابق المستغرق في فناء حاله.
وقال النصرآبادي : لا ميراث إلا عن نسبة صحح النسبة ، ثم ادّعى الميراث.
وقال أيضا : ميراث الكتاب للذين فهموا عن الله خطابه ، فكل فهم على قدره ، فالظالم فهم منه محل المغفرة والثواب والعقاب ، والمقتصد فهم منه محل الجزاء والأعواض والجنان ، والسابق استغرقه التلذذ بالخطاب عن أن يرجع منه إلى شيء سواه.
وقال أبو يزيد : الظالم مضروب بسوط الأمل ، مقبول بسيف الحرص ، مضطجع على باب الرجاء ، والمقتصد مضروب بسوط الحسرة ، مقتول بسيف الندامة ، مضطجع على باب الكرم ، والسابق مضروب بسوط المحبة ، مقتول بسيف الشوق ، مضطجع على باب الهيبة.
قال أبو يزيد : الظالم في ميدان العلم ، والمقتصد في ميدان المعرفة ، والسابق في ميدان الوجد.
قال محمد بن علي : الإيمان للظالمين ، والمعرفة للمقتصدين ، والحقيقة للسابقين.
قال ابن عطاء : الظالم معذب ، والمقتصد معاتب ، والسابق ناج مقرّب.