وقال الأستاذ : بالوعد والوعيد.
وقال النهرجوري : وصف الله بهذه الآية سماع المريدين وسماع العارفين.
وقال : سماع المريدين بإظهار الحال عليهم ، وسماع العارفين بالطمأنينة والسكون.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨))
قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) : قرآنا قديما ظهر من الحق على لسان حبيبه صلىاللهعليهوسلم ، لا يتغير بتغير الأزمان ، ولا ترهقه عبارات أهل الحدثان ، يعوجه الحروف ، ولا يحيط به الظروف ، بل صفاته قائمة بالذات ، تنتشر أنوار تجليه في ساحات الصدور ، وعرصات القلوب ، وصمائم الأرواح ، وأماكن الأسرار ، وأصداف الألسنة ، وأوراق المصاحف ، يخرج بوصف الحقيقة ، فيلين منه الحق لأهل الحق.
سئل مالك بن أنس عن هذه الآية قال : غير مخلوق.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩))
قوله تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) : شبّه الله المتشتتين همومهم المائلين إلى غير الله بالرجل الذي يملكه الشركاء المتشاكسون المتخالفون ، وشبّه المتفردين بنعت الإخلاص بالله ولله وفي الله بالرجل السالم لرجل الخالص له لا يملكه غيره بل عبد قنّ له لا يدخل في صحة عبوديته خلل لأجل مدخل غيره ، فالأول المحتجب بنفسه عن الحق ، والثاني الشاهد بالحق على الحق ، لا يحويه غبار العلل ، ولا يدخل في قلبه قتام الخلل ؛ إذ هو محفوظ برعايته القديمة وحراسته الأبدية ، مثل هذا العبد لا يعرفه إلا عبد مثله ، ولذلك حمد الله نفسه حيث يجهله أكثر الخلق بقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٩) ، وحقيقة الحمد ههنا ظهور تقديس نفسه منه بألا يعرف حقيقة جلاله أحد غيره ، وهو منزه عن أن يكون ممدوحا لألسنة الحدثان ، بل حمد نفسه لعلمه بعجز الحامدين عن حمده.
قال ابن عطاء : ما لهم في حمد الله من الذخر والفخر.
قال جعفر : لا يعلمون أن أحدا من عباده لم يبلغ الواجب في حمده ، وما يستحق من الحمد على عباده بنعمته ، وأن أحدا لم يحمده حق حمده إلا حمده لنفسه.
(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً