والعز والبقاء.
قال سهل : ارجعوا إليه بالدعاء والتضرع والمسألة.
وقال في قوله : (وَأَسْلِمُوا لَهُ) : فوّضوا الأمور إليه.
قال محمد بن علي : اعتذروا إليه مما سلف عنكم من التقصير ، وأخلصوا على دوام الموافقة بعده.
وقال محمد بن حنيف : همة المنيب حنين القلب إلى أوقاته العامرة وعبادته الكاملة.
قال الحسين : الإنابة جاءت من قبل المعرفة ، وأحسن الخلق إنابة إلى الله ورجوعا إليه أحسنهم به معرفة.
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩) وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠))
قوله تعالى : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) : بيّن الله سبحانه أن من لم يرجع إليه بنعت الشوق والمحبة واشتغل بحظوظ نفسه ووافق طبعه أيام الفترة تأسف على ذلك ، وعلى ما قصر في فناء نفسه لله وفي الله في وقت كسوف الأعظم ، وأيضا أي : اطلبوا الحق بالحق ؛ حتى تعرفوا أنكم لا تعرفونه بالحقيقة ، وانظروا إليه بعينه ؛ لتعلموا أن الحادث لا يدرك القديم ، ولا تغتروا بصفاء أوقاتكم وطيب مواجيدكم ؛ فإنه أعزّ وأعظم من أن يكون لأحد من أهل الحدثان ، إنما هو لنفسه لا للغير ، ولا لأحد إليه سبيل لدرك حقائق نعوته الأزلية ، فإن لم تكونوا كذلك كثيرا تقولون وقت كشف جماله وجلاله : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) مما ترون من عزة كبريائه التي تقدست من أن يلحقه أحد بنعت المعرفة الحقيقية.
قال سهل : من ترك المراعاة لحق الله وملازمة خدمته اشتغل بعاجل الدنيا ولذة الهوى ومتابعة النفس ، وضيع في جنب الله أي : في ذاته من القصد إليه والاعتماد عليه.
وقال فارس : يقول الله من هرب مني أحرقته أي : من هرب مني إلى نفسه أحرقته بالتأسف على فوتي إذا شاهد غدا مقامات أرباب معارفي ، يدل عليه قوله : (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ، وهذا لا يقوله إلا محترق.