الذي دعاه إليه ، فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ) : فالهاء راجع إلى غيب الهوية.
قال القاسم : أضاف المعرفة إلى الخلق ، فقال : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.)
وقال : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) ، واختصّ هو بالعلم علم السرائر ، ويسمّى بالعلم ولم يسمّ بالمعرفة ، وقال لأخصّ أنبيائه وأصفيائه : (فَاعْلَمْ) ؛ لقربه من مصدر الحقيقة وموردها ، وإشراقه على الغيب والمغيبات ، ودعاه إلى العلم ، ووصفه به ، ووصف العوام بالمعرفة ؛ لأن العلم أتم وأبلغ.
قال بعضهم : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) من حيث الله بغيبتك عن علمك ، (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) من علمك ؛ لأن كل حقيقة لا تمحو آثار العبد ورسوله فليست بحقيقة.
وقال بعضهم : أدخل النبي صلىاللهعليهوسلم في عين الجمع بما دعاه إلى علم ألوهيته ؛ إذ الهوية عين الجمع وفرق الخلق في سائر الأسامي والصفات ، فطالع كل واحد منها قدره.
قال ابن عطاء : طلب تنزيه العبد ؛ لئلا يكون له خاطر غيره في علمه بأن لا إله إلا هو علما لا قولا ، وهو حقيقة التوحيد حقائق تنبئ عن الموحد لا حقائق تنبئ عن العبد.
قال علي بن طاهر : إن الله أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يدعو الخلق إليه ، فلما دعا الخلق إليه دعاه من نفسه إليه بقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) أي : أنت تدعو الخلق إليّ وأنا أدعوك من نفسك إليّ.
وقال الأستاذ في قوله : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) أي : إذا علمته أنك علمته فاستغفر لذنبك من هذا ؛ فإن الحق علا جلّ قدره أن يعلمه غيره.
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩))
قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) : وبّخ الله سبحانه الجهلة بالقرآن والغفلة عن التدبر فيه ، وبيّن أنهم لا يتدبرون القرآن ، وأظهر سبب