لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢))
(وَلِذِي الْقُرْبى) : الذين شاركوا بعض مقاماته ، وهم أهل القربة الأعزّة في الصحبة.
(وَالْيَتامى) : هم الذين تقطّعوا مما دون الحق إلى الحق ، فبقوا بين الفقدان والوجدان طلاب الوصول.
(وَالْمَساكِينِ) : هم الذين لهم بلغة المقامات ، وليسوا متمكنين في الحالات.
(وَابْنِ السَّبِيلِ) : وهم الذين سافروا من الحدث إلى القدم ، فيلاطف قلوبهم بما وجدوا من الله حتى تكون لهم عونا في طيرانهم إلى الله ، وسيرانهم في أنوار الله ، ثمّ وصف من بينهم المساكين تأكيدا وتشريفا لهم ومحبته إياهم ، بقوله : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) : وصف المهاجرين بأنّهم تركوا ما دون الله لله ، وخرجوا من نفوسهم وحظوظهم بالله لله ، ويقبلون عليه بالكلّية ، يبتغون المعرفة بالله من الله ، والوصول إليه بنعت الرضا ، وذلك قوله : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) ، ثمّ وصفهم بالصدق في آخر الآية بقوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) أي : صادقون في محبة الله ، وخدمة حبيبه صلىاللهعليهوسلم ، ونصرة أوليائه ، ما أطيب عيشهم في فقرهم ؛ حيث افتقروا إلى الله ؛ لطلب قربه ووصاله ، والله سبحانه يراعيهم ، ويجعلهم ملوكا ، ويخدمهم الأغنياء تشريفا لهم وتقريبا.
قال ابن عطاء : هم الذين تركوا كل علاقة وسبب ، ولم يلتفتوا من الكون إلى شيء ، وفرّغوا أنفسهم لعبادة ربهم ، واتباع رسوله صلىاللهعليهوسلم.
قال الخراز : من عطف بقلبه على شيء سوى ربه فليس بفقير ؛ لأن الله يقول : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ.)
وسئل الحسين : من الفقراء؟ قال : الذين وقفوا مع الحق راضين على جريان إرادته فهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أثنى الله سبحانه على الفقراء ، ووصفهم بأحسن الوصف ؛ إذ كانوا صادقين في فقرهم ، ثمّ أثنى على الأغنياء به لصدقهم في غنائهم ، ووصفهم بالإيمان والمعرفة بالله من قلوبهم ، ولزومهم مواضع قربته ، وخفض جناحهم لإخوانهم من الفقراء ، ومحبّتهم مهاجرتهم إليهم وضيافتهم بقوله : (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) ، ثمّ وصف أن صدورهم مقدسة من الشحّ والبخل والبغض والغش