الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥))
(طس) أي : بحرارة وجود الأنبياء والمرسلين والأولياء والمقربين التي ضياؤها من سنا قدسي ، ونضارتها من لطائف أنسي.
وقال بعضهم : بوجود نظري يطيب قلوب أوليائي ، وبشهود وجهي يغيب أسرار أصفيائي.
وقال الأستاذ : أي : بطهارة قدسي وسنا عزتي لا أخيب أمل من أمل لطفي.
(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦))
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (٦) كان روحه صلىاللهعليهوسلم حاضرا مشاهدا الكبر في قرب القرب في جميع أنفاسه يسمع من الحق كلام الأزلي على وفاق موارد الشرع والحقيقة بلا واسطة.
ألا ترى كيف قال : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (٦) يعني : تلقف من الحق كفاحا.
قال أبو بكر بن طاهر : إنك تتلقف القرآن من الحق حقيقة ، وإن كنت تأخذه في الظاهر عن واسطة جبريل ، قال الله : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ، (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ.)
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩))
قوله تعالى : (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً) كان موسى في بداية حاله في مقام العشق والمحبة ، وكان أكثر أحوال مكاشفا في مقام التباس ؛ فلما حان بدو كشفه جعل سبحانه الشجرة والنار مرآة فعلية ، فتجلى بجلاله وجماله من ذاته سبحانه لموسى ، وأوقع موسى في رسوم الإنسانية حتى لا يفزع ، ويدنى من النار والشجرة.
ثم ناداه منها بعد أن كاشف له مشاهدة جلاله ، ولولا ذلك لفني موسى في أول سطوات عظمته وعزته ، ومعنى (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) أنه تعالى وتقدس عن المثال والخيال أراد به نفسه المقدس الذي يزيد بركة مشاهدته لموسى ؛ فالنداء منه ، وهو كلامه السرمدي