وثانيها : أنّ المسلمين أجمعوا على أنّ ما بين الدفّتين كلام الله تعالى ، وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا ، فثبت فساد ما ينقل عن عثمان وعائشة أنّ فيه لحنا وغلطا.
وثالثها : قال ابن الأنباري : إنّ الصحابة هم الأئمّة والقدوة ، فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوّضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم ، مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتّباع ..» (١).
وقال أبو حيّان الأندلسي في (... وَالْمُقِيمِينَ ...) بعد ما ذكر عن عائشة وأبان بن عثمان فيها : «ولا يصحّ عنهما ذلك ، لأنّهما عربيّان فصيحان» (٢).
وقال القنوجي : «وعن عائشة أنّها سئلت عن (الْمُقِيمِينَ) وعن قوله (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) و (الصَّابِئُونَ) في المائدة ، فقالت : يا ابن أخي ، الكتّاب أخطئوا.
وروي عن عثمان بن عفّان أنّه فرغ عن المصحف وأتي به قال : أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره؟! فقال : دعوه ، فإنّه لا يحلّ حراما ولا يحرّم حلالا.
قال ابن الأنباري : وما روي عن عثمان لا يصحّ ، لأنّه غير متّصل ، ومحال أن يؤخّر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره ، ولأنّ القرآن منقول بالتواتر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟!
وقال الزمخشري في الكشّاف : ولا يلتفت ...» (٣).
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٢ : ٧٤.
(٢) البحر المحيط ٣ : ٣٩٤.
(٣) فتح البيان ٦ : ٤٠٧ ـ ٤٠٨.