وقال في (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) : «فهذه أقوال تتضمّن توجيه هذه القراءة بوجه تصحّ به وتخرج به عن الخطأ ، وبذلك يندفع ما روي عن عثمان وعائشة أنّه غلط من الكاتب للمصحف» (١).
وقال الآلوسي في (وَالْمُقِيمِينَ) : «ولا يلتفت إلى من زعم أنّ هذا من لحن القرآن وأنّ الصواب (والمقيمون) بالواو كما في مصحف عبد الله وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي ، إذ لا كلام في نقل النظم متواترا فلا يجوز اللحن فيه أصلا. وأمّا ما روي أنّه لمّا فرغ من المصحف أتي به إلى عثمان فقال : قد أحسنتم وأجملتم ... فقد قال السخاوي : إنّه ضعيف ، والإسناد فيه اضطراب وانقطاع ، فإنّ عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، وقد كتب عدّة مصاحف وليس فيها اختلاف أصلا إلّا فيما هو من وجوه القراءات. وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع ـ وهم هم ـ كيف يقيمه غيرهم؟!» (٢).
أقول : فهذه كلمات في ردّ هذه الأحاديث ، ويلاحظ أنّ بعضهم يكتفي «بالاستبعاد» ، وآخر يقول : «فيه نظر» ، وثالث يقول : «لا يخفى ركاكة هذا القول» ، ورابع يقول : «لا يلتفت ...» ، وخامس يقول : «غريب» ...
ومنهم من يتجرّأ على التضعيف بصراحة فيقول : «لا يصحّ» وفي الإتقان عن ابن الأنباري أنّه جنح إلى تضعيف هذه الروايات (٣) وعليه الباقلاني في «نكت الانتصار» (٤) وجماعة.
__________________
(١) فتح البيان ٦ : ٤٩.
(٢) روح المعاني ٦ : ١٣ ـ ١٤.
(٣) الإتقان ٢ : ٣٢٩.
(٤) نكت الانتصار : ١٢٧.