منهم لم نذكر كلماتهم هنا اكتفاء بمن ذكرناه ... وقد اغتاظ من هذا الموقف جماعة واستنكروه بشدّة ... ومن أشهرهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي تحامل على الزمخشري ومن كان على رأيه قائلا بعد الحديث عن ابن عبّاس «كتبها وهو ناعس» : «وأمّا ما أسنده الطبري عن ابن عبّاس فقد اشتدّ إنكار جماعة ممّن لا علم له بالرجال صحّته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده ، والله المستعان.
وقد جاء عن ابن عبّاس نحو ذلك في قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيّد عنه.
وهذه الأشياء ـ وإن كان غيرها المعتمد ـ لكن تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق» (١).
أقول : لكنّ العجب من ابن حجر لما ذا أحال التأويل اللائق إلى غيره وقد كان عليه أن يذكره بنفسه وهو بصدد الدفاع عن الأحاديث الصحاح؟!
نعم ، نظر بعضهم في تأويله وذكرت وجوه ، فقال الداني بالنسبة إلى ما روي عن عثمان ـ على فرض صحّته ـ : «وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور في التلاوة دون الرسم».
وأجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلّها بأنّ المراد : «أخطئوا في الاختيار وما هو الأولى للجمع عليه من الأحرف السبعة ، لا أنّ الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.
فمعنى قول عائشة : «حرّف الهجاء» القي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة ، وكذا معنى قول ابن عبّاس : «كتبها وهو
__________________
(١) فتح الباري ٨ : ٣٠١.