وقد يقال : لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ـ رضي الله عنه ـ ولم يعرّج على مقال الناس ، لأنّ مقال الناس لا يصلح مانعا.
وبالجملة ، فهذه الملازمة مشكلة ، ولعلّه كان يعتقد أنّه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ....» (١).
ومن هنا أيضا : أنكر ابن ظفر (٢) في كتابه (الينبوع) عدّ آية الرجم ممّا زعم أنّه منسوخ التلاوة وقال : «لأنّ خبر الواحد لا يثبت القرآن» (٣).
ومثله أبو جعفر النحّاس (٤) حيث قال : «وإسناد الحديث صحيح ، إلّا أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة ، ولكنّه سنّة ثابتة ...» (٥).
ورأينا أنّ ابيّا وابن مسعود قد أثبتا في مصحفهما آية «لو كان لابن آدم واديان ...» وأضاف أبو موسى الأشعري : إنّه كان يحفظ سورة من القرآن فنسيها إلّا هذه الآية.
ولو لم تكن الآية من القرآن حقيقة ـ بحسب تلك الأحاديث ـ لما أثبتاها ، ولما قال أبو موسى ذلك.
وقد جعل الشوكاني هذه الآية مثالا للقسم الخامس من الأقسام الستّة حسب تقسيمه للنسخ ، وهو : «ما نسخ رسمه لا كلمه ولا يعلم الناسخ له».
__________________
(١) البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ ، الإتقان ٢ : ٦٢.
(٢) وهو : محمد بن عبد الله بن ظفر المكي ، له : ينبوع الحياة في تفسير القرآن ، توفي سنة ٥٦٥.
وفيات الأعيان ١ : ٥٢٢ ، الوافي بالوفيات ١ : ١٤١ وغيرهما.
(٣) البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ ، الإتقان ٢ : ٢٦.
(٤) وهو : أبو جعفر أحمد بن محمد النحّاس ، المتوفى سنة ٣٣٨. وفيات الأعيان ١ : ٢٩ ، النجوم الزاهرة ٣ : ٣٠٠.
(٥) الناسخ والمنسوخ : ٨.