قلت : أوّلا إنما كان الممنوع كالممتنع ، إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقلّ المحذورين ، وقد عرفت لزومه بحكمه ، فإنّه مع لزوم الإتيان بالمقدّمة عقلا لا بأس في بقاء ذي المقدّمة على وجوبه ، فإنّه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع ، كما إذا كانت المقدّمة ممتنعة (١).
______________________________________________________
والثاني كالأمر بالوصول الى محل يتوقف على طي المسافة بالأمر بالوصول مشروطا بعدم طيّ المسافة لاستحالة الطفرة عقلا ، كأن يقول المولى لعبده ان اتلفت الدابة المحللة فيجب عليك الوصول الى مناسك الحج من دون قطع المسافة ، ومثل هذين هو بقاء الخطاب بالحج مع بقاء حرمة استعمال الدابة المغصوبة على حاله ولو كان الانحصار بالدابة المغصوبة بسوء اختيار المكلف بان اتلف الدابة المحللة بسوء اختياره.
(١) توضيح هذا الجواب الاول ان المنع عن المقدمة شرعا المتوقف عليها وجود الواجب على نحوين :
فانه تارة لا يكون العقل ملزما باتيان المقدمة المحرمة كما في الاضطرار لا بسوء الاختيار ، فان العقل لا يلزم باتيان المقدمة من باب اقل المحذورين ، والأمر في بقاء المقدمة على حرمتها وارتفاع حرمتها منوط بالشارع ، فانه ان كان الواجب المتوقف عليها اهم منها فلا بد من رفع حرمتها ، وان كانت حرمتها اهم فلا بد من ارتفاع وجوب الواجب المتوقف عليها.
واخرى : كما في المقام وهو ما كان الاضطرار بسوء الاختيار فانه حيث كان للمقدمة فردان فرد ليس فيه ابتلاء بالمحرم وهو الترك بترك الدخول ، والترك بترك ما يتوقف دفع المهلكة فيه على شرب الخمر وكان النهي عنها منجزا ، فاتلاف الفرد المحلل بسوء الاختيار يوجب الوقوع في احد المحذورين ، والعقل يحكم بلزوم اقل المحذورين ، فمع حكم العقل بلزوم اتيان هذا الفرد المحرم وهو الخروج وشرب الخمر للعلاج لا مانع من بقاء الواجب المتوقف على هذه المقدمة وهو وجوب ترك البقاء في