وقد أورد عليه بأنه لو كان العموم المستفاد من النهي بالإطلاق بمقدمات الحكمة وغير مستند إلى دلالته عليه بالالتزام ، لكان استعمال مثل ((لا تغصب)) في بعض أفراد الغصب حقيقة. وهذا واضح الفساد ، فتكون دلالته على العموم من جهة أن وقوع الطبيعة في حيز النفي أو النهي ، يقتضي عقلا سريان الحكم إلى جميع الأفراد ، ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها ، إلا بالانتهاء عن الجميع أو انتفائه (١).
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : ان الدال على الاستيعاب لو كان هو لفظ النهي المتعلق بالماهية لا بشرط لكان مرجحا للنهي على الأمر ، لان الأمر لا يدل إلّا على طلب متعلق بالماهية لا بشرط ، إلّا ان الدال على الاستيعاب في النهي هو الاطلاق فان النهي مثل الأمر في الدلالة المستفادة من اللفظ ، لان النهي يدل على طلب ترك الطبيعة والأمر يدل على طلب وجودها ، ومقدمات الحكمة تقتضي في النهي حيث انه تعلق بالماهية انتفاء جميع افرادها كما انها تقتضي في الأمر الاجزاء باي فرد من افراد هذه الماهية ، واذا كانت الدلالة على الاستيعاب في النهي وعلى الاجتزاء بفرد من الافراد في الأمر بمقدمات الحكمة لا تكون مرتبطة بالدلالة اللفظية فلا يكون النهي في مقام الدلالة اقوى من الأمر ، وهذا مراده من قوله : ((بان ذلك فيه)) : أي ان الاستيعاب في النهي ((من جهة اطلاق متعلقه)) وان الطبيعة المتعلقة انما تنتفي بانتفاء جميع الافراد انما هو ((بقرينة الحكمة)) وحاله في مقام افاده الاستيعاب كحال الأمر فدلالته ((كدلالة الأمر على الاجتزاء باي فرد كان)) فانها ايضا بمقدمات الحكمة.
(١) هذا ايراد على هذا الجواب وحاصله :
ان الاستيعاب المستفاد من النهي ليس بمقدمات الحكمة ، بل بدلالة اللفظ عليه دلالة التزامية ، ويشتمل هذا الايراد على نقض وحل.
اما النقض ، فهو ان الفرق بين الدلالة بمقدمات الحكمة والدلالة اللفظية : ان الاستيعاب اذا كان مستفادا من مقدمات الحكمة فحيث ان اللفظ لم يدل عليه فلو