التعبد (١) أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهرا بحكم الاستصحاب ، للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانية ، إما
______________________________________________________
المشتبهين ، فان حرمته تشريعية لا ذاتية بمعنى ان الحرام هو قصد ايجاد الوضوء من الإناءين بما انه هو واجب ، واما لو توضأ المكلف من الإناءين لا بقصد أن الوضوء منهما واجب بل بقصد الاحتياط فلا حرمة في هذا الوضوء ، ولو كانت حرمة الوضوء من الإناءين ذاتية لما امكن الاحتياط.
وتوضيح كون حرمة الوضوء من الإناءين تشريعية لا ذاتية ان المحرم الذاتي لا بد وان يكون مقدورا وكذا كل منهي عنه او مأمورا ، ومتى كان تعلق النهي بشيء يجعله غير مقدور لا بد وان تكون حرمته تشريعية لا ذاتية ، والوضوء من هذا القبيل لان الشيء تارة يكون عبادة بذاته كالركوع للمولى والسجود له ، واخرى يكون عبادة لاتيانه بقصد الأمر بحيث لو لا اتيانه بقصد امره لا يقع عبادة.
ومن الواضح ان نفس غسل الوجه واليدين ليس خضوعا للمولى بما هو غسل وجه وغسل يدين ، ومع تعلق النهي به لا يمكن اتيانه بقصد الامر به اذ لا أمر به حتى يمكن ان يكون عبادة ، وحيث ان متعلق النهي لا بد وان يكون مقدورا فلا بد وان يكون متعلق النهي قصد ايجاده بعنوان كونه واجبا ، فان قصد التشريع مقدور فالحرمة في الوضوء تشريعية لا ذاتية ، واذا ثبت انها تشريعية فاتيان الوضوء من الإناءين لا بقصد الوجوب بل بقصد الاحتياط لا تشريع فيه فلا مانع منه.
وبعد وضوح كون حرمة الوضوء من الإناءين تشريعية لا ذاتية يخرج المورد عن المقام ، لما عرفت من ان التغليب لجهة الحرمة لا يتم إلّا في ما اذا كانت حرمة الوضوء ذاتية لا تشريعية.
(١) هذا دفع دخل يمكن ان يورد على ما ذكره من كون حرمة الوضوء من الإناءين تشريعية لا ذاتية وانه لا مانع من اتيان الوضوء منهما من باب الاحتياط.