.................................................................................................
______________________________________________________
والفوق فوق بحسب كل الانظار وكذلك التحت ، وان اختلفت الفوقيّة والتحتيّة بحسب الجهات ، فالفوق يكون فوقا بالنسبة الى ما تحته ويكون تحتا بالنسبة الى ما فوقه ، بخلاف الوصف الإضافي كالصحة والفساد فان الشيء الواحد ربما يكون بحسب نظر صحيحا وبحسب نظر آخر فاسدا.
ثم لا يخفى ـ أيضا ـ ان الغرض من هذا الأمر السادس بيان أمرين :
الأول : ان الصحة والفساد في العبادة والمعاملة ليس الاختلاف فيهما في ناحية المفهوم ، وانما الاختلاف فيهما من ناحية المصداق.
الثاني : ان الاختلاف في تفسير الصحة والفساد بين الفقيه والمتكلم أيضا ليس للاختلاف في مفهوم الصحة والفساد ، وانما الاختلاف بينهما في تفسير الصحة والفساد ، لان الأثر المهم بحسب نظر الفقيه هو غير الأثر المهم بحسب نظر المتكلم.
ولا يخفى ان الصحة هي التامية فهذا الشيء صحيح أي انه تام ، والفساد عدم التامية فالفساد هو غير التام.
وقد عرفت فيما سبق ان من الأشياء ما لا يتصف بصحة ولا فساد كالشيء الذي لا أثر له أو الذي له أثر ولكن لا ينفك عنه.
فيظهر من هذا ان تقابل الصحة والفساد تقابل العدم والملكة حيث ان الصحة هي التماميّة والفساد عدم التماميّة ، وبعض الأشياء لا تتصف بصحة ولا فساد ، فحينئذ لا يتصف بالصحة والفساد الّا ما يمكن ان يكون صحيحا ويمكن ان يكون فاسدا ، فما له هذه الشأنيّة هو الذي يمكن ان يتصف بهما ، فحيث انهما متقابلان بالوجود والعدم وانه يخلو عن الاتصاف بهما بعض الأشياء فلا بد وان يكون تقابلهما تقابل العدم والملكة ، لأن تقابل السلب والإيجاب لا يعقل ان يخلو عن الاتصاف باحدهما شيء من الأشياء ، فان العمى والبصر يخلو عن الاتصاف بهما الجدار مثلا ، والبصر واللابصر لا يخلو عن الاتصاف بهما مثل الجدار فان الجدار وان لم يصدق عليه انه اعمى لكن يصدق عليه انه لا بصر له.