وأما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية كالسجود والركوع والخشوع والخضوع له تبارك وتعالى ، فمع النهي عنه يكون مقدورا ، كما إذا كان مامورا به ، وما كان منها عبادة لاعتبار
______________________________________________________
((اذا كان)) النهي نهيا ((عن المسبب او)) كان النهي نهيا عن ((التسبيب)) اليها ((لاعتبار القدرة ... الى آخر الجملة)) هذا في النهي المتعلق بالمسبب وبالتسبب اليه.
واما النهي المتعلق بالسبب كالنهي عن بيع الحصاة او المنابذة وهو على نحوين :
لانه تارة يتعلق بالسبب بما هو سبب نافذ ومؤثر فالنهي فيه لا بد وان يدل على صحته ووقوعه مؤثرا ، وإلّا لم يكن متعلقا بالسبب بما هو مؤثر ، ولو كان النهي موجبا لارتفاع تأثيره لكان متعلقا بغير المقدور.
واخرى يكون النهي متعلقا بالسبب بما هو فعل من الافعال من دون تقيده بقيد كونه نافذا ومؤثرا ، ومقدوريته موجودة في حال عدم تأثيره ، فان إنشاء العقد بما هو انشاء مقدور حيث لا يكون مقيدا بكونه مؤثرا ونافذا فالنهي المتعلق به لا يدل على صحته وتأثيره لتحقق القدرة عليه التي هي شرط في النهي مع عدم صحته وتأثيره ، وهذا النحو الثاني هو مراد المصنف من قوله : ((واما اذا كان عن السبب فلا)) أي ان النهي عن السبب بما هو فعل من الافعال لا بما هو سبب ونافذ لا يدل على صحته لتحقق المقدورية عليه مع عدم صحته وتأثيره ، وقد اشار الى ذلك بقوله : ((لكونه مقدورا وان لم يكن صحيحا)).
قوله (قدسسره) : ((نعم قد عرفت ان النهي عنه)) توضيحه : ان دعوى ابي حنيفة في قبال دعوى دلالة النهي على الفساد ، وقد عرفت مما مر ان النهي عن السبب بما هو فعل من الافعال لا يستلزم فساده ولا ينافي صحته وترتب أثره ، كما انه لا يدل على صحته ولزوم ترتب أثره عليه ، فالنهي عنه لا يدل على صحته ولا ينافي صحته ، ولذا قال : ((ان النهي عنه)) أي النهي عن السبب لا بما هو سبب نافذ ، بل بما هو فعل من الافعال ((لا ينافيها)) أي لا ينافي صحته وترتب أثره عليه.