.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصله : ان الذهاب الى التفصيل في مسألة لا بد وان يكون تفصيلا فيما هو محل النزاع في المسألة ، وحيث كان هذا المفصّل يرى جواز الاجتماع عقلا فقوله بالامتناع عرفا لا بد وان يكون ان هذا الذي يراه العقل جائزا لا يراه العرف جائزا ، واذا كان مراده غير هذا بان يكون مراده هو دلالة اللفظ على عدم الاجتماع للملازمة العرفية لا يكون قوله هذا تفصيلا في هذه المسألة ، لما عرفت من ان التفصيل في مسألة لا بد وان يكون واسطة بين الايجاب الكلي والسلب الكلي ، والدلالة اللفظية خارجة عما هو موضع النزاع بين القوم من الذهاب إلى الجواز وذهاب الآخرين إلى عدم الجواز ، فيكون هذا المفصّل واسطة بين الرأيين ، فهو يوافق القائلين بالجواز من ناحية حكم العقل بالجواز ويوافق القائلين بعدم الجواز من ناحية النظر العرفي والحكم العرفي ، ولو كان مراده من الامتناع عرفا هو الدلالة اللفظية الخارجة عما هو موضع النزاع لما كان لهذا التفصيل منه معنى محصلا ، اذ الدلالة اللفظية ليست موضع النزاع ، ولا بد من ان يكون هذا المفصّل ممن يرى الجواز مطلقا.
غايته انه اذا كان الوجوب والتحريم مستفادين من اللفظ فاللفظ بالدلالة الالتزامية يدل على عدم وقوع الامر مجتمعا مع الحرمة ، واللفظ الدال على الحرمة يدل على عدم وقوع الحرمة مجتمعة مع الوجوب ، ولا يصح جعل هذا تفصيلا فيما هو موضع النزاع ، والى ما ذكرنا ـ اولا ـ اشار بقوله : ((وإلّا فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي)) واشار الى انه لو كان المراد من الامتناع العرفي هو الدلالة اللفظية لما كان منه تفصيلا في المسألة ، بل يكون المتحصل منه هو عدم وقوع الوجوب والحرمة المستفادين من اللفظ كل مع الآخر بقوله : ((غاية الامر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع)) : أي بعد ان يكون المتحصل من رأي هذا المفصّل هو جواز الاجتماع وليس له تفصيل في القول بالجواز ، غاية الامر انه لا يقع هذا الجواز فيما اذا كان الوجوب والحرمة مستفادين من اللفظ.