في الجزاء ، بخلاف الوجه الاول ، فإن فيهما الدلالة على ذلك (١). وإما بتقييد إطلاق الشرط في كل منهما بالآخر ، فيكون الشرط هو خفاء
______________________________________________________
الجدران ، وكذا الحال في مفهوم إذا خفيت الجدران فقصر الذي هو ان لم تخف الجدران فلا تقصر مطلقا ، وان خفى الأذان يخصص هذا المفهوم أيضا بخفاء الأذان ، فيكون الحاصل منه هو انه اذا لم تخف الجدران فلا تقصر مطلقا إلّا اذا خفى الأذان.
وعلى هذا الوجه لا بد من رفع اليد عن ظهور كلمة (ان) في ان مدخولها علة منحصرة حقيقية ، وانه بعد هذا التخصص يكون خفاء الاذان علة وخفاء الجدران علة أيضا ، وحيث انه يقول بالمفهوم فلا بد وان يكون الانحصار فيه اضافيا لا حقيقيا ، ولا بد فيه من رفع اليد عن الظهور الثالث أيضا وهو كون الشرط علة في جميع الاحوال ، لوضوح انه اذا تحقق احدهما وجب التقصير ، ومتى تحقق الثاني بعد تحقق الاول لا يكون مؤثرا.
وأيضا لازم هذا الوجه انه اذا انتفى الشرطان معا يتحقق الانتفاء ، فوجوب القصر ينتفي اذا انتفى خفاء الجدران وخفاء الأذان ، والى هذا اشار بقوله : ((فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين)) لانه بعد كونه تخصيصا لمفهوم كل منهما بمنطوق الآخر فالالتزام بالمفهوم فيه موجود ، ومع تحقق المفهوم في كل منهما والجمع بينهما بما عرفت يكون المتحصل ان كل واحد منهما شرط يتحقق القصر به وينتفي القصر عند انتفائهما معا ، لانه اذا تحقق احدهما يتحقق القصر ولازم ذلك انتفاء ان يكون للقصر شرط آخر غير هذين الشرطين ، فان لازم المفهوم المتخصص ذلك ، فان المفهوم ـ مثلا ـ هو انه لا يجب القصر اذا لم يخف الأذان إلّا اذا خفيت الجدران ، ومرجع هذا الى انه بوجود احدهما يتحقق القصر وبانتفائهما ينتفي القصر ولو كان هناك ثالث لما تحقق الانتفاء عند انتفائهما معا.
(١) هذا هو الوجه الثاني من وجوه الجمع ، وحاصله : انه يرفع اليد عن العلية المنحصرة رأسا وأنه لا دلالة للقضية الا على كون الشرط يتحقق بتحققه الجزاء وهو