مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك ، فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه وبين سائر الافراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها ، وإن لم تعمه بما هي مأمور بها ، لكنه لوجود المانع لا لعدم المقتضي.
ومن هنا انقدح أنه يجزي ، ولو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحة العبادة ، وعدم كفاية الاتيان بمجرد المحبوبية ، كما يكون كذلك في ضد الواجب ، حيث لا يكون هناك أمر يقصد أصلا (١).
______________________________________________________
الحسن وجهة المحبوبية ويتبعهما فعلية الحكم الوجوبي فلا يكون فعليا ، وحيث ان المفروض ان الجاهل قاصر والقاصر لا يكون الحكم في حقه فعليا ، اذ من شروط فعلية الحكم كونه مما علم به أو يمكن ان يعلم به ، والجاهل القاصر لا علم له ولا يمكن ان يحصل له العلم اما كونه لا علم له فواضح ، واما كونه مما لا يمكن ان يحصل له العلم فلانه هو الفارق بين القصور والتقصير ، فان القاصر هو الذي لا يمكن ان يقال له هلا تعلّمت ، فجهة الحسن في الجاهل القاصر غير مزاحمة ولا مغلوبة في المرتبة الفعلية بجهة القبح لانها تابعة للعلم أو ما بحكمه ، والى هذا اشار بقوله : ((لكونهما تابعين لما علم منهما)) وسيأتي انه بناء على هذا يكون فعل القاصر مما يحصل به الامتثال ايضا لا انه يسقط به الامر فقط لحصول الغرض.
(١) لا يخفى ان هذا بناء على التزاحم في غير المرتبة الفعلية وعدم اختصاصه بها.
واما بناء على اختصاصه بالمرتبة الفعلية فسيأتي انه يمكن ان يقصد الامتثال ويكون المجمع مما تسعه الطبيعة بما هي مامور بها.
وحاصله : ما ذكره في مسألة الضد من ان الامر وان كان مما لا يسع هذا الفرد الّا انه اذا كان هذا الفرد مثل بقية الافراد التي يسعها الامر من ناحية تمامية جهة حسنه ومحبوبيته ، وانما لا يسعه الامر لابتلائه بوجود مانع فيه بالخصوص عن ان يسعه الامر دون بقية الافراد لا لاختلال المقتضي فيه ، فلا مانع من ان يقصد به امتثال الامر المتعلق بما لا يسع هذا الفرد لوجود المانع لا لعدم المقتضي.