.................................................................................................
______________________________________________________
نعم الجسم والبياض هو المنشأ لانتزاع الابيض وهو الذي يطلق عليه في بعض الاحيان العرضي أي المنسوب للعرض ، وليس هو العرض فان المنسوب إلى الشيء غير الشيء ، والى هذا اشار الحكيم السبزواري بقوله :
وعرضي الشيء غير العرض |
|
ذا كالبياض ذاك مثل الابيض (١) |
ثم لا يخفى ان هذا العنوان الذي يكون الخارج ظرفا لمعنونه لا لنفسه على انحاء ثلاثة :
الاول : ما يكون منشأ انتزاعه موجودا تكوينيا خارجيا كالبياض العارض للجسم الذي هو منشأ انتزاع عنوان الابيض ، والبياض من المحمولات بالضميمة فانه لا يحمل على الجسم بنفسه ، بل انما يحمل على الجسم بواسطة اما لفظ ذو فيقال : الجسم ذو بياض ، أو مشتق ينتزع منه ويحمل على الجسم كمفهوم الابيض.
واخرى لا يكون منشأ انتزاع العنوان موجودا خارجيا ولكنه امر تكويني ايضا ، كعنوان الممكن فان منشأ انتزاعه الامكان اللاحق للممكن ، ولكن الامكان ليس الخارج ظرفا لنفسه ، وإلّا لكان للامكان امكان ايضا وهكذا فيلزم التسلسل ، بل منشأ انتزاع الامكان هو ذات الممكن الذي ينتزع العقل منه انه ليس له ضرورة الوجود ولا ضرورة العدم ، واذا وجد هذا الممكن في الخارج لا يكون للامكان وجود بإزاء وجود ذات الممكن كما كان للبياض وجود بإزاء وجود الجسم ، بل الموجود الخارجي هو نفس ذات الممكن الذي ينتزع من ملاحظة عدم ضرورته الذاتية من ناحية الوجود والعدم امكانه ، وهذا الامكان يشارك البياض في كونه لا يحمل على موضوعه الا بواسطة اما لفظ ذو فيقال : هذا الموجود ذو امكان أو بواسطة اشتقاق مفهوم منه وهو الممكن فيقال : هذا الموجود ممكن ، ويشاركه ايضا في كون كل منها امرا تكوينيا لا بجعل أو تشريع ، إلّا انه يختلف عنه في كون منشأ انتزاع الابيض
__________________
(١) منظومة السبزواري ، قسم المنطق : ص ٢٩. (حجري).