.................................................................................................
______________________________________________________
فالاطلاق يقتضي الاكتفاء بالمرة ، وفي مقام النهي حيث انه تابع للمفسدة في هذه الطبيعة فالنهي ببركة مقدمات الحكمة يدل على ان ذات هذه الطبيعة غير المقيدة بشيء فيه المفسدة ، ففي أي فرد من افراد الطبيعة تحققت الطبيعة تحققت المفسدة ، ولا يتخلص من هذه المفسدة إلّا بترك جميع افراد هذه الطبيعة ، وحيث كان المولى في مقام البيان ولم يقيد هذه الطبيعة بمكان خاص أو زمان خاص فيستكشف من عدم تقييده في مقام البيان ان نفس ذات هذه الطبيعة هو متعلق النهي ، فالعقل يحكم بان ترك هذه الطبيعة التي تعلق النهي بنفس ذاتها لا يحصل إلّا بترك هذه الطبيعة بجميع افرادها الدفعية والتدريجية ، وقد اشار إلى هذا الاختلاف بين صيغتي الامر والنهي بقوله : ((وان كان قضيتهما عقلا)) : أي قضية الامر والنهي عقلا ((تختلف ولو مع وحدة متعلقهما بان يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الامر مرة والنهي اخرى ضرورة)).
قوله : ((ضرورة)) للاشارة الى سبب اختلافهما من ان العقل يحكم بالفرق بينهما وان وجود الطبيعة يتحقق بوجود فرد من افرادها وعدم الطبيعة لا يتحقق إلّا بعدم جميع افرادها ، إلّا انه لا يخفى ان العقل لا يحكم بهذا الفرق إلّا اذا كان متعلق النهي في مرحلة الواقع هو عدم الطبيعة بحيث لا يشذ عنه عدم.
واما لو كان متعلق الطبيعة واقعا هو عدم الطبيعة بنحو الاهمال فلا يحكم بذلك ، لأن المهملة في قوة الجزئية ، وقد اشار الى ان الدوام والاستمرار في ترك الطبيعة يستفاد من الاطلاق وفي مرحلة الاثبات بقوله : ((اذا كان متعلقه طبيعة مطلقة)) : أي انه اذا كان متعلق النهي هو الطبيعة المطلقة يستفاد ان الدوام والاستمرار مطلوب في ترك الطبيعة.
ومن الواضح : ان هذه الاستفادة انما هي ببركة الاطلاق في مرحلة الاثبات فالاطلاق يثبت ان متعلق النهي هو الطبيعة المطلقة غير المقيدة بزمان أو حال من الاحوال ، والعقل يحكم ان الطبيعة التي دل الدليل على الاطلاق فيها لا يحصل