فإنه يقال : إن الامر بعنوان الاحتياط ولو كان مولويا لكان توصليا ، مع أنه لو كان عباديا لما كان مصححا للاحتياط ، ومجديا في جريانه في العبادات كما أشرنا إليه آنفا (١).
______________________________________________________
مر بيانه ((واما لو دل)) دليل من بلغ ((على استحبابه)) أي استحباب الفعل المأتي به ((لا بهذا العنوان)) وهو عنوانه بذاته ((بل)) يدل على استحبابه ((بعنوان انه محتمل الثواب لكانت)) اخبار من بلغ ((دالة على استحباب الاتيان به)) أي بالفعل ((بعنوان الاحتياط)) ويكون الامر المستفاد من اخبار من بلغ ((كأوامر الاحتياط)) مثل قوله عليهالسلام : احتط لدينك ، واخوك دينك ، في الدلالة على اتيان الشيء لاجل الاحتياط ، بان يؤتى به بداعي الاحتمال فيما ((لو قيل بانها)) أي لو قيل ان أوامر الاحتياط كانت ((للطلب المولوي لا الارشادي)) وعلى هذا فيرتفع الاشكال في عدم امكان الاحتياط ، لعدم العلم بقصد القربة لا تفصيلا ولا اجمالا ، فان هذا الامر الاستحبابي معلوم تفصيلا.
(١) توضيحه : ان اخبار من بلغ ، اما ان يكون المستفاد منها جعل الحكم الاستحبابي على طبق مؤدى الخبر الضعيف الذي بلغ ، فلا يكون من الاحتياط في شيء كما مر بيانه.
واما ان يكون المستفاد منها هو اعطاء الثواب على الاتيان بقصد ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قاله ، فلا تكون لها دلالة على الامر الاستحبابي بالاتيان بالفعل بداعي الاحتمال ، بل لا يكون لها دلالة على امر اصلا ، وانما المتحصل منها هو اعطاء الثواب على هذا الانقياد والاتيان برجاء الواقع ، والمستشكل لا يستشكل في امكان الانقياد ، ولكنه يستشكل في امكان الاحتياط في العبادة ووقوع الفعل عباديا بواسطة الاحتياط ، بحيث لو اصاب الاحتياط الواقع لنجزه ، ولوقع الفعل عبادة كالفعل المأتي به بداعي الامر العبادي المعلوم. هذا كله في الاحتياط بالنسبة الى اخبار من بلغ.