ومنه ظهر أنه لو لم يعلم فعلية التكليف مع العلم به إجمالا ، إما من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه ، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معينا أو مرددا ، أو من جهة تعلقه بموضوع يقطع بتحققه إجمالا في هذا
______________________________________________________
القطعية كذلك لا تحرم مخالفته القطعية كما مر بيانه مفصلا ، فالتفكيك بينهما من ناحية العلم نفسه لا وجه له بل هما متلازمان ، وانه كلما حرمت مخالفة العلم الاجمالي قطعا وجبت موافقته قطعا ، وكلما لم تجب موافقته قطعا لم تحرم مخالفته قطعا ، فلا وجه لهذا التفكيك ، فانه متى كان علة تامة في حرمة المخالفة كان علة تامة في وجوب الموافقة ايضا ، والى هذا اشار بقوله : ((وقد انقدح)) مما مر من كون المدار في العلم الاجمالي على كونه فعليا من جميع الجهات وعدم ذلك في التنجز وعدمه ومع تنجزه لا فرق في حرمة المخالفة ووجوب الموافقة القطعيتين وكذلك الحال في عدم الفرق بينهما في حال عدم تنجزه فظهر من هذا ((انه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعية)) للعلم مع فرض كونه فعليا من جميع الجهات ((مع)) القول ب ((حرمة مخالفتها)) ولا يخفى ان ضمير مخالفتها يرجع الى القطعية : أي مع القول بحرمة المخالفة القطعية ، إلّا انه لا يخلو هذا التعبير من سماجة ومسامحة.
ثم اشار الى الوجه في كون هذا الاحتمال الذي هو التفكيك بينهما لا وجه له بقوله : ((ضرورة ان التكليف المعلوم اجمالا لو كان فعليا)) من جميع الجهات ((لوجب موافقته قطعا)) كما تحرم مخالفته قطعا ((وإلّا)) أي وان لم يكن فعليا من جميع الجهات ((لم يحرم مخالفته كذلك)) أي قطعا ، فلا وجه لهذا التفكيك لان فرض التفكيك في مقام فرض كونه فعليا من جميع الجهات.
وقد تبين انه اذا كان فعليا من جميع الجهات تجب موافقته القطعية كما تحرم مخالفته القطعية ، لما بينا من ان احتمال اجتماع المتضادين كالقطع باجتماعهما ، فلا فرق بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي بعد ان كان العلم الاجمالي فعليا من جميع الجهات.