مما لطف من الديباج ومما ثخن منه وغلظ ، وال (إِسْتَبْرَقٍ) معرب من استبره ، وجاز وقوع اللفظ العجمي في القرآن العربي ، لأنه إذا عرب خرج من أن يكون عجميا يتصرف فيه تصرف اللفظ العربي من غير فرق ، قوله (مُتَقابِلِينَ) [٥٣] حال بعد حال ، أي متواجهين لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرة بهم.
(كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥))
(كَذلِكَ) أي مثل ما ذكرت لهم ثابت في الجنة أو أثبناهم كذلك (وَزَوَّجْناهُمْ) أي قرناهم (بِحُورٍ عِينٍ) [٥٤] أي حسان الوجوه عظام العيون ، (يَدْعُونَ فِيها) أي يطلبون في الجنة منا وهو حال مقدرة من فاعل «زوجنا» ، أي مقدرين طلبهم فيها منا (بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ) [٥٥] من انقطاعها ومضرتها أو من الموت أو من كل مخوف.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧))
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) أي سوى الموتة الأولى أو بعدها ، والمعنى : لا يذوقون فيها البتة ، لأن ذوق الموت الماضي غير ممكن في المستقبل ، فهذا من باب التعليق بالمحال (وَوَقاهُمْ) أي يصرفهم عنهم (عَذابَ الْجَحِيمِ [٥٦] فَضْلاً) أي أعطى لهم هذا الثواب فضلا (مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ) أي الفضل (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [٥٧] أي النجاة الوافرة.
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩))
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) الفاء فيه (١) للعطف على مقدر ، أي ذكرهم بالكتاب المبين فانما يسرناه ، أي سهلنا القرآن (بِلِسانِكَ) أي لتقرأ بلغتك لتفهمه العرب عنك (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [٥٨] أي يتعظون به فيؤمنون وإن لم يؤمنوا.
(فَارْتَقِبْ) أي انتظر هلاكهم (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) [٥٩] هلاكك ، لأنهم يرتقبون ، أي ينتظرون بك دائرة السوء.
__________________
(١) فيه ، ح : ـ وي.